* أركان الإرث وشروطه.
* باب أسباب الميراث.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
فقد سبق الحديث عن مقدمة الناظم رحمه الله تعالى، وهي مقدمة الكتاب، ثم ذكرنا مقدمة علم الفرائض وهي المبادئ العشر، ثم أخذنا مسألة لا بد من تقديمها، وهي أنه يتعلق بتركة الميت خمسة حقوق مرتبة، عرفنا معنى التركة في الاصطلاح والشرع، وترتيب الأول والثاني بينهما خلاف بين أهل العلم، والمذهب عند الحنابلة أن:
الأول: هو مُؤن التجهيز.
ثم الثاني: الحقوق المتعلقة بعين التركة سواءٌ كانت حقًّا لله تعالى أو لآدمي، وعند الثلاثة تقديم الحق المتعلق بعين التركة على من حيث الدليل.
والثالث: الديون المرسلة المطلقة في الذمة فهي الْمؤنة مؤخرة عن مُؤن التجهيز.
والرابع: الوصية في الثلث فما دونه لأجنبي وقد ذكرنا الخلاف فيما يتعلق بمتى يكون التراضي عن الزيادة فيما زاد على الثلث.
الخامس: وهو المقصود بالذات في هذا الفن وهو علم الفرائض الإرث، الإرث وهو المقصود بدراسة هذا الفن، وأما الأول والثاني والثالث والرابع هذه من قبيل الفتوى ويفتى فيها ولا يشترط فيها القضاء، وأما الخامس وهو الإرث فلا بد منه قضاء ونحوه، ولذلك اشتهر عند أهل العلم أن الفرائض ليست من قبيل الفتوى فلا يستفتى شخص في هذه المسائل إنما هي من قبيل القضاء.
الإرث له: أركان، وله شروط، وله أسباب، وله موانع. هذه أربعة مباحث.
الأول: في أركان الإرث.
والثاني: في شروط الإرث.
والثالث: في أسباب الإرث.
والرابع: في موانع الإرث.
الناظم رحمه الله تعالى بوّب للثالث والرابع، يعني: قال (بَابٌ). أو ... (بَابُ أَسْبَابِ الْمِيْرَاث)، أي: وموانعه، لأنه ذكر أربعة أبيات البيتين الأولين في أسباب الميراث، والبيتين الثالث والرابع في موانع الإرث، أسباب الإرث وموانع الإرث، وأما الأركان والشروط فهذه لم يذكرها وقد ذكرها غيره فلا بد من ذكرها، إذًا الإرث له أركان، أَركان جمع ركنٍ وركنُ الشيء في اللغة جانبه الأقوى جانب الشيء الأقوى الذي يعتمد عليه يسمى ركنًا، وهذا يشترط فيه أن يكون داخلاً في جزء الماهية، وإن كان تعريفهم أنه جانب الشيء الأقوى لا يشترط فيه بالظاهر أنه يكون داخلٌ فيه الماهية، ولكن الذي يعنى به في الاصطلاح أنه جزءُ الماهية.
والركن جزء الذات، جزء الذات، يعني: جزء الماهية الداخل فيها بحيث تنتفي الحقيقة والماهية لانتفاء هذا الجزء سواء كان هذا الجزء حسيًّا أو كان معنويًّا، يعني: قد يكون الركن شيئًا مدركًا بالحس، وقد يكون الركن شيئًا معنويًّا، إذًا الركن في اللغة جانب الشيء الأقوى الذي يُعتمدُ عليه.
واصطلاحًا: المراد به الاصطلاح العرفي، يعني: الذي اصطلح عليه العلماء، وهذا قد يكون متحدًا في كثير من الفنون وقد يكون ثَمَّ افتراق بين الركن والشرط مثلاً أو السبب في بعض الفنون دون بعضها، يعني: قد تتداخل وقد تتفارق، والثاني هو الأشهر.
اصطلاحًا: الركن ما كان جزءًا من الشيء ولا يوجد ذلك الشيء إلا به.
والركن جزء الذات