أول ما نستفْتِحُ المقالا ... بِذِكْرِ حَمْدِ ربِّنا تعالا
فالحمد لله) إذًا ابتدأ بماذا؟ بالحمدلة، إذًا هذا قد يشير أو قد يُفهم أنه لم يذكر البسملة نقول: لا الابتداء نوعان:
- ابتداء نسبيّ إضافي.
- ابتداء حقيقة.
والابتداء بالبسملة ابتداء حقيقي، والابتداء بالحمدلة ابتداء نسبي إضافي يعني بالنسبة إلى ما بعده فلا تعارض.
أوّلُ برفع أول على ابتداء، مرفوع على الابتداء ونحن سنجري على الطريقة المعهودة لا بد من فك العبارة، تسهيل والاختصار يكون في طرح المسائل أما حلُّ النظم هذا فرض عين لا بد منه، ما يحتاج إلى إعراب أعربناه، وما احتاج إلى لغة بينّاه وما احتاج إلى تصريف ذكرناه، وما لا يحتاج نسير معه.
أوّلُ: يرفع أول على الابتداء مبتدأُه قوله: (بِذِكْرِ) خبر بذكر هذا خبر بناءً على أن الباء زائدة أو للتصوير، إذًا أول مبتدأ، أين خبره؟ (بِذِكْرِ)، والباء هذه إما أنها زائدة ولا إشكال فيها [إما أنها زائدة وإما أنها للتصوير والمعنى أولُ استفتاحنا القول ذكرُ حمدِ ربنا] أولُ استفتاحنا القول ذكر جاء الخبر هذا المراد، أولُ ذكر، استفتاحنا على أن ما هذه مصدرية، والقول هذا مفعولٌ به، ذكرُ حمدِ ربنا أو مصوّرٌ هذا الخبر، مصوّرٌ بذكر حمدِ ربنا ويصح قراءته محفوظ بالرفع أوَّلَ بالنصب والعامل حينئذٍ يكون محذوفًا ننطقُ أول استفتاحنا، فيكون ظرفًا منصوبًا على الظرفية، ويصح قراءته أول بالنصب على أنه ظرف لمحذوف يتعلق به قوله: بذكر، والتقدير ننطق (أول) استفتاحنا (بِذِكْرِ) .. إلى آخر البيت.
(أول ما)، (ما) هذه اسم موصول بمعنى الذي، أول الذي نستفتح، والأولى أن تكون (ما) هنا مصدرية، أوّل استفتاح وإذا كانت مصدرية حينئذٍ تؤول مع ما بعدها بمصدرٍ هذا هو الظاهر إنها مصدرية، (أول ما نستفْتِحُ) نستفتح السين هنا والتاء زائدتان المراد نفتتح، أي نبتدأ، وإما أن يقال نستفتح، ولم يقل نبتدأ مباشرة، قالوا من باب التفاؤل، لأنه قال نستفتح فيه الفتح، إذًا سيأتيك الفتح في الفهم ففيه تفاؤل فيه نوع تفاؤل.
أول ما نستفْتِحُ المقالا ... بِذِكْرِ حَمْدِ ربِّنا .....
هل بدأ الناظم هنا بالحمد أو هو إخبار بأنه سيبدأ بالحمد؟
الثاني: إذًا هل ثناءٌ أو لا؟ هذا محتمل، يحتمل أنه ثناء، ويحتمل أنه ليس بثناء، هل الإخبار عن تقديم الحمد على غيره الإخبار مجرد الإخبار بكون رتبه التقديم هل هو ثناءٌ أم لا؟ إذا اعتبرناه ثناء حينئذٍ حصل الحمدُ بالأول البيت الأول، وإن لم نعتبره كذلك فحينئذٍ حصل الثناء بالثاني، والظاهر أن هذا إخبار من المصنف بأنه يذكر الحمدَ بعد، ثم حقق ما وعد به بقوله: (فالحمد لله). ويحتمل أن المصنف قد قصد بذلك إنشاء حمدٍ لأنه اعترافٌ بأن الحمد رتبته التقديم وهذا يتضمن الثناء، إذاً استفتح بالبيت الأول حمدًا وأكَّدَ ذلك تصريحًا لا تلويحًا بالبيت الثاني بقوله: (فالحمد لله).