وهذا البيت السابق يدل على تواضع المصنف رحمه الله تعالى واعترافه بالذنب، وهذا ينافي الغرور الذي قد يقع عند البعض (وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَالتَّسْلِيمِ ** عَلَى النَّبِيِّ) جمع بينهما لأنهما أكمل أن يصلي ويسلِّم وهم امتثال للآية {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] {صَلُّوا}، {وَسَلِّمُوا} قال: جمع بينهما، لكن لا نقول بالكراهة إذا أُفْرِدَ أحدهما عن الآخر، لأن الدلالة هنا دلالة اقتران. (وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَالتَّسْلِيمِ ** عَلَى النَّبِيِّ) أي علاها وأكملها كائنٌ على النبي، (الْمُصْطَفَى) هذا فيه إشارة إلى حديث «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل» وفيه «فاصطفاني من بني هاشم فأنا خيارٌ من خيارٍ من خيار» بقي خيار رابع، لكن العرب لا تزيد أكثر من ثلاثة. و (الْمُصْطَفَى) المراد به المختار من الخلق وهو مأخوذٌ من الصفوة أصله مُصْتَفَوٌ أبدلت واوه ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وأبدلت تاء الافتعال طاءً، و (الْمُصْطَفَى) مأخوذٌ من الصفوة وهي الخلوص من الكدر.
(الْكَرِيمِ) هذا عطف بيان أو بدل، بفتح الكاف على المشهور، وحكى سبط الماريني أنه الأفصح ويجوز كسرها، وهو نقيض اللئيم، الكرم واللؤم نقيضان والمراد به الجواد يعني كثير الجود، والجامع بأنواع الخير والشرف والفضائل أو الصفوح عن الزلات (مُحَمَّدٍ) بالجر عطف بيان على كون النبي من هو النبي مع كون النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أطلقه في هذه الأمة انصرف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو محمد بن عبد الله حينئذٍ صار (أل) هنا عهدية (مُحَمَّدٍ) هذا بدل أو عطف بيان أو محمدٌ يعني: هو محمد خبر مبتدأٍ محذوف، وجوز بعضهم النصب على لغة ربعية، لكن هذا لا يستقيم لأن لغة ربيعة في الوقف لا في الوصل، (مُحَمَّدٍ خَيْرِ الأَنَامِ) يعني الخلق و (أل) هنا للاستغراق فيَعُمّ الكل (مُحَمَّدٍ خَيْرِ الأَنَامِ).
وأفضل الخلق على الإطلاق ... نبينا فمل عن الشقاق
(الْعَاقِبِ) أي الذي لا نبي بعده. قال ابن الأثير رحمه الله تعالى في ... ((النهاية)) في مبحث أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم -: العاقب وهو آخر الأنبياء، والعاقب والعقوب الذي يخلف من كان قبله (وَآلِهِ) يعنيك وعلى آله، وهم أتباعه على دينه، (الْغُرِّ) جمع أغر غُرْ بضم الغين المعجمة جمع أغر وصفوا بذلك لاشتهارهم كالكوكب الأغر المراد به الأشراف (ذَوِي الْمَنَاقِبِ)، (ذَوِي) جمع ذو يدل على صاحب أي على أصحاب، (الْمَنَاقِبِ) يعني الفاخرة صفة كاشفة جمع منقبة وهي ضد المثلبة العيب والنقص، وجمعها مثالب يعني المثلبة جمعها مثالب والمثالب العيوب. إذًا الشيء بضده يتبين ويعرف معناه، فإذا كانت المثالب جمع مناقض للمناقب والمثالب هي العيوب حينئذٍ المناقب هي الكمال.
وَصَحْبِهِ الأَفَاضِلِ الأَبْرَارِ - أو الأماجد - الأَبْرَارِ
الصَّفْوَة - الأكامل - الأَخْيَارِ الأَكَابِرْ الأَمَاجِدِ