وهذا منكر لا بد أن نقلب عليك الأمر، فَيُسْلَبُ منها النصف، انتهى ابتداءً فقط، ثم إذا أخذوا الثلاثة والأربعة قالوا: المسألة من أربعة على ثلاثة. ثلاثة ما هما؟ الجد باثنين، والأخت الشقية واحد، إذًا أربعة على ثلاثة حينئذٍ تحتاج إلى تصحيح، ولذلك قال هنا: لكن لما كانت الأخت لو استقلت بما فُرض لها وهو النصف ثلاثة من ستة لزادت على الجد، رُدت بعد الفرض إلى التعصيب بالجد، بعد هكذا الشرح عندكم فيه خلل، رُدّت بعد الفرض إلى التعصيب بالجد، إذًا في أول الأمر ترث بالفرض، وفي نهاية المسألة ترث بالتعصيب، وهذا تناقض، فيضم حصته لحصتها ويقتسمان الأربعة بينهما أَثْلاثًا، لكنها لا تنقسم أَثْلاثًا صحيحة، حينئذٍ نضرب الثلاثة في المسألة تعول .. كما سيأتي في التصحيح {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ولذلك قال الناظم: (ثُمَّ). ثم للترتيب، يعني بعد أن نعطي الأخت الشقيقة النصف ثلاثة من ستة، ونعطي السدس للجد واحد من ستة صار المجموع أربعة، (ثُمَّ يَعُوْدَانِ)، أي: الجد والأخت، (إِلَى الْمُقَاسَمَةْ) بينهما {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}،فينتقل الإرث من الفرض إلى التعصيب، (كَمَا مَضَى)، أي: مثل ما مضى، والذي مضى ما هو؟ المقاسمة، المقاسمة التي مضت (يُقَاسِمُ الإِخْوَةَ فِيْهِنَ)، ثم قال:

وَهْوَ مَعَ الإِنَاثِ عِنْدَ الْقَسْمِ ... مِثْلُ أَخٍ في سَهْمِهِ وَالْحُكْمِ

(مِثْلُ أَخٍ) يعني أخ شقيق أو الأب (في سَهْمِهِ) في نصيبه (وَالْحُكْمِ) المعهود أو على التعميم، حينئذٍ يعود الجد مع الأخت إلى المقاسمة، (ثُمَّ يَعُوْدَانِ إِلَى الْمُقَاسَمَةْ ** كَمَا مَضَى) أي مثل المقاسمة التي مضت من أنه يقاسم كأخٍ شقيق، {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، (فَاحْفَظْهُ) إذا علمت ذلك (فَاحْفَظْهُ)، الفاء هذه فاء الفصيحة، (فَاحْفَظْهُ) بقلبك، أي: ما ذكرته لك كما سبق، فكل حافظ إمام، (وَاشْكُرْ نَاظِمَهْ)، يعني: ناظم ما ذكر، هذه المسألة وغيرها، تشكره بماذا؟ قال: بالدعاء له، أو بذكره بالجميل، أو بغير ذلك، لأنه قد صنع لك معروفًا بنظمه لك الأحكام وبيانها، رحمه الله رحمة واسعة، وقد روى الترمذي وغيره عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صَنع إليه». أو «من صُنع إليه معروفًا فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا. فقد أبلغ في الثناء». قال الترمذي رحمه الله: حديث حسن غريب. وروى البيهقي رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صُنع إليه معروفًا فليكافئه، فإن لم يستطع فليذكره، فمن ذكره فقد شكره».

إذا أفادك إنسان بفائدة ... من العلوم فلازم شكره أبدا

فقل فلانٌ جزاه الله صالحةً ... أفادينها وألقِ الكبر والحسدا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015