هنا كَمَّل الشيء يعني أتمه، إذًا فيه تكرار وهو مغتفر لأنه يريد زيادة الإيضاح فقط، وإلا في الأصل أنه بعيدٌ في المختصرات، وهذه ((الرحبية)) مختصر، حينئذٍ الأصل أن لا يأتي بمثل هذا الحشو، إذًا (وَهُمَا تَمَامُهَا) الضمير يعود على الزوج والأم، (وَهُمَا) مبتدأ، و (تَمَامُهَا) خبر، والضمير يعود للمسألة على تقدير مضاف، أي: تمام أركانها أو هما، أي الجد والأخت، تمامها مع الزوج والأم، لكن إذا قيل بهذا بأن الضمير يعود على الجد والأخت حينئذٍ يكون فيه شيء من التناقض لأنه قال في الأول:

وَالأُخْتُ لا فَرْضَ مَعَ الْجَدِّ لَهَا ... فِيمَا عَدَا مَسْأَلَةً كَمَّلَهَا

يعني: زيادة على الجد والأخت زوج وأم، ثم يقول: (وَهُمَا). أي الأخت والجد (تَمَامُهَا) وصف الزوج والأم بأنهما تمام المسألة، أليس كذلك؟ ثم قال: (وَهُمَا) أي الجد والأخت، (تَمَامُهَا) هذا فيه نوع تعارض تناقض، لكن نجيب بأن هذا أمر اعتباري فكل منهما تمامها مع الآخر، إذًا كل منهما مكمل للآخر على كلٍّ قوله: (وَهُمَا تَمَامُهَا). هذا حشو من الناظم رحمه الله تعالى أراد به تتميم الشطر الأول، (فَاعْلَمْ) الفاء هذه استئنافية، (فَاعْلَمْ) هذا أمرٌ من العلم، يعني حصل العلم بالأكدرية وبغيرها، كما قال الشارح وغيره، بالأكدرية وبغيرها لأنه أطلق وحذف المعمول، اعلم ماذا؟ حذفه، اعلم هذه المسألة وغيرها، وحذف المعمول يوزن بالعموم حينئذٍ يعم (فَاعْلَمْ) هذه المسألة وغيرها من مسائل العلم، لماذا نعمم؟ لأنه قال: (فَخَيْرُ أُمَّةٍ عَلاَّمُهَا). علامها ليس بالأكدرية فحسب، خير أمة خير جماعة أفضل جماعة (عَلاَّمُهَا) يعني عالمها، حينئذٍ هذا يستقيم مع تقييد العلم بالأكدرية أو أنه يعم؟ يعم لا شك، (فَخَيْرُ أُمَّةٍ عَلاَّمُهَا) الذي يعلم الشريعة كلها هذا الأصل، وما يحتاجه الناس، وأما الأكدرية فقط ثم يقال بأنه عالم رجعنا إلى التَّخَصُّص، (فَاعْلَمْ فَخَيْرُ) خير هذا أفعل التفضيل، أصلها أخير، حذفت الهمزة منه تخفيفًا، أي: أكمل، (أُمَّةٍ)، أي: جماعة، (عَلاَّمُهَا)، يعني: علام تلك الأمة، وعلام هذا صيغة مبالغة تزاد فيه التاء كثيرًا لتأكيد المبالغة، هنا قال الشارح: أي عالمها. صرف وَأَوَّل الظاهر إلى شيء لا مبالغة فيه، (فَاعْلَمْ فَخَيْرُ أُمَّةٍ عَلاَّمُهَا)، أي: عالمها، وأتى بصيغة المبالغة لمزيد الاهتمام بالعلم، يعني: لطلب الاهتمام الزائد بالعلم، إذًا صرف الشارح ظاهر العبارة إلى شيء لا مبالغة فيه، وهذا يسمى تأويل بما ليس فيه مبالغة للإشارة إلى أنه لا يتوقف حصول فضل العلم على كثرته، بل يحصل لمن كان عنده أصل العلم ولو على غير وجه المبالغة لكنه يتفاوت الفضل بتفاوت أصحابه، إذًا (فَخَيْرُ أُمَّةٍ عَلاَّمُهَا) الخيرية هذا فضل، هل هو ثابت لمن كان كثيرًا العلم فقط أم يشمل من كان كثير العلم ويشمل ما هو دون ذلك ممن معه أصل العلم؟ لا شك أنه الثاني، حينئذٍ نحتاج إلى التأويل، وفضل العالم والعلم مشهور، وتقدم الشيء مما يدل على فضل العلم والعلماء في شرح المقدمة.

تُعْرَفُ يَا صَاحِ بِالأَكْدَرِيَّةْ ... وَهْيَ بِأَنْ تَعْرِفَهَا حَرِيَّةْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015