سبق معنا أن الإخوة يحجبون الأم حجب نقصان من الثلث إلى السدس إذا كانوا جمعًا اثنان فأكثر، أمّ وجدّ وأخ؟ قلنا فيما سبق: الجد في هذا الباب يعامل معاملة الأخ، فيُحسب باثنين كأنه هذا أخ وهذا أخ، هل نجعله كذلك حاجبًا للأم من الثلث إلى السدس، نحن نَزَّلْنَاهُ مُنَزَّلة الأخ أليس كذلك؟ فجعلناه رأسًا معه، وإذا كانت معه أخت كذلك {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} حينئذٍ إذا قيل: أم وجد وأخت، الجد هنا يرث إذا قيل بالمقاسمة حينئذٍ يرث مثل حظ الأنثيين، لماذا؟ لكونه مُنَزّل منزلة الأخ الشقيق، طيب نزَّلناه مُنَزَّلة الأخ الشقيق، إذًا كم أخ عندنا؟ اثنان، أقل الجمع هل يحجبون الأم من الثلث إلى السدس؟ الجواب: لا. وهذا من التناقض، كيف نجعله بِمُنَزَّلة الأخ شرعًا ثم نعطيه مثل حظ الأنثيين، ثم في المسألة نفسها لا نجعله حاجبًا للأم، هذا تناقض، يعني كأننا نقول: باعتبار الأخت هو أخٌ شقيق فيأخذ حكم الأخ الشقيق فيُعَصِّب أخته فحينئذٍ يرث مثل حظ الأنثيين، وباعتبار الأم في نفس المسألة لا، ما يحجبها ليس بأخ، بل هو جدّ، هذا تضارب هذا، لذلك قال: إلا مع الأم هذا استثناء، إلا مع الأم يعني: الجدّ مع الأم فلا يحجبها يعني: لا يحجب الأم بخلاف الأخ فإنه يحجبها بانضمامه إلى الأخت من الثلث إلى السدس، بل ثلث المال كله لها للأم يصحبها هذا حال يعنى يلازمها فهو كامل، لأنه ليس معها عددٌ من الإخوة، والشرط في حجب الأم من الثلث إلى السدس أن يكون معها عدد من الإخوة، والجد هنا وإن قيل
وَهْوَ مَعَ الإِنَاثِ عِنْدَ الْقَسْمِ ... مِثْلُ أَخٍ في سَهْمِهِ ......
فقط يعني: الذي يأخذه نصيبه وأما كونه يحجب الأم فيعد مع الأخت لا، ليس الأمر كذلك، وهذا فيه تعارض، ففي زوجةٍ وأم وجد وأخت الزوجة لها الربع، والأم لها الثلث، والجد والأخت هنا مقاسمة اثنان أو واحد؟ هل وجد عدد من الإخوة؟ الجواب: لا. لماذا؟ لأنه لو وُجد عدد من الإخوة لحجب الأم من الثلث إلى السدس، ولكن باعتبار كونه الجد مع الإخوة يرث معهم على التفاصيل المذكورة عندهم حينئذٍ باعتبار ما يأخذه هو أخ، وباعتبار الأم لا ليس بأخ، لذلك قال: للزوجة الربع هنا، وللأم الثلث كاملاً، والباقي بين الجد والأخت مقاسمة له مثلا ما لها. وفي المسألة المسماة بالخرقاء لتخرق أقوال الصحابة أن بعض الأقوال يخرق بعضًا رضي الله تعالى عنهم فيها يعني اضطربت، ولأن الأقوال خرَّقتها بكثرتها يعني وسعتها بكثرة الكلام فيها، وهي (أم وجدّ وأخت لغير أم). للأم الثلث كاملاً، والباقي بين الجد والأخت أثلاثًا له مثلا ما لها، وهذا لا ينقسمان عليها وتصحح المسألة. هذا مذهب زيد. وأما عند الإمام أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فللأم الثلث، والباقي للجد، ولا شيء للأخت. هذا الصحيح، لأن الأخت ما ترث مع الجد، هناك أخذنا الشرط أنها ترث النصف أو الثلثين عدم الأصل الوارث، فإذا وجد الأصل الواجب حجبها، لا ترث معه بالفرض، أليس كذلك؟ هذا فيما مضى، حينئذٍ الجدّ يحجب الإخوة مطلقًا فلا ترث معه البتة، وجميع ما ذكره من أول الباب إلى هنا فيما إذا كان معه أحد الصنفين، سواء كان معه صاحب فرض أم لا.