وتكون المقاسمة خيرًا له من الثلث الباقي ومن سدس جميع المال إذا كان معه أحد الصنفين وكان معه صاحب فرضٍ. فقصد الناظم بهذا البيت أن يبين أن الجدّ من أحواله المقاسمة، ثم هذه المقاسمة هي الحظ الأوفر له من ثلث جميع المال، ومن ثلث الباقي من سدس جميع المال بشرط أن لا تكون هذه المقاسمة قد ضرت به، وهذا يوصى بأنه إذا كانت خيرًا له مما ذكر معه من الأنصبة، ولذلك قال: (يُقَاسِمُ الإخوة فِيْهِنَ) يعني في هذه الأحوال الجدّ يقاسم الإخوة، لكن قيده بماذا؟ بقوله: (إِذَا ** لَمْ يَعُدِ الْقَسْمُ عَلَيْهِ بِالأَذَى) يعني بالضرر، إذا كانت المقاسمة تقتضي أن يكون نصيبه أقل من سدس جميع المال أو الثلث الباقي حينئذٍ لا يُقاسم، وإنما يعدل إلى الأوفر له إما ثلث جميع المال إما ثلث الباقي وإما سدس جميع المال، إذا كانت المقاسمة تكون أقل له من ثلث جميع المال فيما إذا لم يكن معه صاحب فرض حينئذٍ نقول يعدل إلى ثلث جميع المال، حينئذٍ أراد بهذا البيت أن يبين أن المقاسمة من حظ الجدّ مطلقًا من حيث هي، يعني لا يعطى الجد السدس أو الثلث الباقي إذا كان كل واحد من هذين النصيبين أقل من المقاسمة، (إِذَا ** لَمْ يَعُدِ الْقَسْمُ) إذا لم يعد هذا الأصل (الْقَسْمُ عَلَيْهِ) على الجد بالأذى، وهذا صادق بماذا؟ صادق بأن تكون المقاسمة خيرًا له من الثلث أو السدس أو ثلث الباقي، وبأن تكون مساوية لما ذكر، ومفهومه أنه إذا عاد عليه القسم بالأذى حينئذٍ ينتقل إلى ثلث الباقي، أو سدس المال، أو ثلث جميع المال.
إذًا أفادنا بهذا البيت أن الجد له المقاسمة ولكن بشرط أن لا يتضرر بالمقاسمة، ووجه الضرر أن يكون نصيبه أقل مما ذكر معه من الأنصبة، ذكر معه من الأنصاب فيما إذا انفر أحد الصنفين معه ولم يكن معه صاحب فرض ثلث جميع المال، حينئذٍ يشترط في هذه المقاسمة أن تكون أكثر نصيبًا وحظًا من ثلث جميع المال.
وذُكر مع المقاسمة فيما إذا كان معه أحد الصنفين وهو معه صاحب فرض ثلث الباقي وسدس جميع المال، إذًا المقاسمة أحظ له من ما ذكر معه إن كانت أدنى حينئذ ٍتضرر الجدّ فلا يأخذ بالمقاسمة، ولذلك قال: (إِذَا ** لَمْ يَعُدِ الْقَسْمُ عَلَيْهِ بِالأَذَى) أي: بالضرر الحاصل
فَتَارَةً يَأْخُذُ ثُلْثَاً كَامِلاَ ... إِنْ كَانَ بِالْقِسْمَةِ عَنْهُ نَازِلاَ
(فَتَارَةً) هذه حالٌ وهو شروع منه لبيان ما إذا لم يكن معه صاحب فرضٍ، وهذا قيده لو قدم البيت الثاني لكان أجود، (إِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذُوْ سِهَامِ) يعني: أصحاب فروض، حينئذٍ
فَتَارَةً يَأْخُذُ ثُلْثَاً كَامِلاَ ... إِنْ كَانَ بِالْقِسْمَةِ عَنْهُ نَازِلاَ
انظر قرر لك في البيت السابق أن الجد يأخذ بالمقاسمة إن كانت أوفر النصيبين والحظين، هنا قال: (يَأْخُذُ ثُلْثَاً كَامِلاَ) وذلك فيما إذا لم يكن معه صاحب فرض (إِنْ كَانَ بِالْقِسْمَةِ عَنْهُ) عن الثلث (نَازِلاَ)، فإن لم يكن فحينئذٍ رجعنا إلى البيت السابق فيأخذ بالمقاسمة. وهذه الصورة التي ذكرها المصنف هنا رحمه الله تعالى يندرج تحتها أمور:
أولاً: قد يقال بأن المقاسمة أفضل للجدّ.
وقد يقال: بأن ثلث جميع المال أفضل وأوفر للجدّ.
وقد يقال بالاستواء.