إذا هذا الحكم لا خلاف فيه، سواء كان مدلوله مأخوذًا من القرآن كما ذكره في آية الكلالة، أو من النص النبوي: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر». أو بالإجماع ما دام أنه مجمع عليه حينئذٍ يكون أقوى، والمراد بأن الإجماع أقوى لأنه لا يحتمل إذا قيل بأنه ابن الابن لا يرث مع أبيه أو الإخوة يسقطون بالـ .. ، هذا نص لا يحتمل غيره، بخلاف مثلاً بعض نصوص القرآن أو بعض نصوص السنة النبوية، حينئذٍ يرد احتمال أن هذا غير مراد منطوق مفهوم غيره ناسخٍ إلى آخره فالاحتمال وارد، ولذلك عند الأصوليين أن دلالة الإجماع من حيث الدلالة لا من حيث السند دلالة الإجماع أقوى لأنها لا تحتمل لا تحتمل إلا شيء واحد ثم لا تحتمل النسخ، وأما النص لا فهو محتمل أن يكون منسوخًا وكذلك نص سواء كان من القرآن أو كان من سنة نبوية، وأما الإجماع فلا فلذلك يكون مقدمًا من حيث الدلالة، وإن كان مستند الإجماع إما كتاب وإما سنة وإما قياس، قد يُنقل المستند وقد لا ينقل، فلا يقال كيف حينئذٍ نقول: إجماع أقوى. نحن لا نقول إجماع أقوى من حيث الثبوت من حيث وصوله إلينا هذه مسألة، ووصول القرآن إلينا مسألة أخرى، وصول القرآن إلينا القراءة المتواترة متواتر قطعي، والإجماع وصوله إلينا قد يكون متواترًا وقد لا يكون. من حيث الثبوت فرق بين ثبوت القرآن وثبوت الإجماع، ثبوت القرآن لا يكون إلا متواترًا هذا الأصل فيه، وثبوت الإجماع قد يكون وقد لا يكون ففرق بينهما.
إذا المقصود أنه إذا أُجمع على مسألة حينئذٍ صارت هي المعتمدة.
أَوْ بِبَنِي الْبَنِيْنَ كَيْفَ كَانُوْا ... سِيَّانِ فِيْهِ الْجَمْعُ وَالْوِحْدَانُ
لما كان الابن حقيقةً خاصًا بابن الصلب، وكان ابن الابن كالابن في حجب الإخوة إجماعًا صرح بذلك، لأنه قال: (وَتَسْقُطُ الإخوة بِالْبَنِيْنَا) بالابن هل ابن الابن كالابن؟
هذا محل سؤال، فصرح الناظم بأن ابن الابن يحجب الإخوة كما أن الابن يحجب الإخوة، والمسألتان مجمع عليهما، بمعنى أن الإجماع انعقد، على أن ابن الابن يحجب الإخوة كما أن أباه يحجب الإخوة، ولذلك نص على ذلك.