وما لذي الجهة البعدى من الجهة القريبة في الإرث من حظ ولا نصيب، إذًا الجهة القريبة تُسقط الجهة البعيدة، والدرجة القريبة تُسقط الدرجة البعيدة، وهذا الذي عناه بهذا البيت كما ذكرناه (وَمَا الذِي) يعني لصاحب الدرجة البعدى وإن كانا في الدرجة البعدى قوية فلا ينظر حينئذٍ للقوة، يعني لا ينظر إلى ما بعده مع الوارث القريب، مع هذا حال متعلق بمحذوف حال، حال كونه مع القريب - يعني مع الوارث القريب فهو صفة لموصوف محذوف - (الْقَرِيبِ) درجة أو جهة، يحتمل النوعين، والبعدى يحتمل الجهة والدرجة، و (في الإِرْثِ) يعني في الموروث (مِنْ حَظٍّ) عرفنا إعرابه (وَلا نَصِيبِ)، النصيب هو الحظ والعطف هنا عطف تفسير. إذًا مراده بهذا البيت أنه يُقدم بالجهة القربى على ما كان في الجهة البعدى، وكذلك الدرجة القربى مقدمة على الدرجة البعدى، على ما ذكرناه في البيت السابق. (وَمَا الذِي) الدرجة (وَمَا الذِي) قلنا: هذا خبر مقدم، والأولى جعله شاملاً للجهة أيضًا لأن الشارح هنا قيده بالدرجة، (وَمَا الذِي) الدرجة (الْبُعْدَى) مع الدرجة الوارث القريب في الإرث من حظ ولا نصيب. إذًا أسقط الجهة والأولى جعله شاملاً للجهة أيضًا وقصره الشارح على الدرجة لأن القربى والبعدى في الاصطلاح إنما يقال في درجات جهة واحدة، نعم هو هذا، البعدى والقريب والقربى هذا الوصف إنما يتعلق بالدرجات في اصطلاح الفرضيين، إما أن ننظر إلى الاصطلاح، وإما أن ننظر إلى المعنى اللغوي، إذا نظرنا إلى الاصطلاح حينئذٍ خصصنا البيت بالدرجة، وإذا نظرنا إلى المعنى اللغوي عممنا حينئذٍ من أجل تعميم الفائدة هنا ننظر إلى المعنى اللغوي فنقول: (وَمَا الذِي الْبُعْدَى) جهة أو درجة (مَعَ الْقَرِيبِ) درجة أو جهة (في الإِرْثِ مِنْ حَظٍّ وَلاَ نَصِيبِ) لحجبه بالأقرب منه درجة، وإن كان الأقرب درجة ضعيفًا، مثل ماذا؟ ابن أخ لأب، وابن وابن أخ شقيق الجهة متحدة، أليس كذلك؟ والقوة مختلفة، لكن أيهما أقرب درجة؟ ابن أخ لأب أقرب درجة من ابن ابن أخ شقيق يحجبه أو لا؟ يحجبه، ولو كان الثاني أقوى من الأول؟ ولو كان الثاني أقوى من الأول، لماذا؟ لأن المراعاة هنا للجهة أولاً، ثم للدرجة، ثم للقوة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015