إذًا يرث بسبب هو الولاء. إذًا قوله: (مِنَ الْقَرَابَاتِ) هذا بيان لمن أحرز بأنه يرث بالعصبة وهو من القرابات، أو من الموالي يعني بسببه. قوله: (الْقَرَابَاتِ). قيل: ليس بعربي، لأنه جمع قرابة هي في الأصل مصدر، ولا يثنى ولا يجمع، المصدر لا يثنى ولا يجمع، ما يقال: عدلان وعدول هذا الأصل فيه إلا إذا أُوِّل باسم الفاعل، إذا أوّل باسم الفاعل جُمِعَ، إذا أوّل باسم المفعول جُمِعَ، وأما باعتباره مصدر كما هو للدلالة على المعنى فلا يثنى ولا يجمع، حينئذٍ قرابات جمع قرابة، وقلنا: قرابة هذا مصدر، والمصدر لا يثنى ولا يجمع كيف جمع؟ قالوا: هذا ليس بعربي. إلا إذا تنوع بأنواع صح جمعها، فحينئذٍ نقول: هذا عربي، وصح تنوعه وصح جمعه. وأجيب: بأن القرابة أنواع فلذلك جمعت. نعم هو هذا، وبأن محل المنع إذا يعني المصدر على مصدرية، و (ما) هنا بمعنى اسم الفاعل فالقرابة بمعنى القريب، والقرابات بمعنى الأقارب، نعم المصدر على معناه يعني بالدلالة على المصدرية لا يثنى ولا يجمع، ولكن إذا ضُمِّن معنى شيء آخر أو فسر أو أوّل بشيء آخر كاسم الفاعل واسم المفعول حينئذٍ جُمع ومنه القرابة، من القرابات جمع قرابة أي الأقارب، لذلك قال الشارح هكذا.
(أَوِ الْمَوَالِي) من المعتِقِين وعصبتهم إجماعًا، وهذا محل إجماع أن العصبة بالنفس قد يكون بنسب وقد يكون بسبب. لقوله تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176]. بمعنى ماذا؟ {وَهُوَ} يعود على الأخ {يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} قالوا: وغير الأخ كالأخ. يعني من باب القياس. وهذه الآية استدل بها أهل العلم وأجمعوا على مدلولها ولذلك قال: إجماعًا. لقوله تعالى قوله تعالى هذا بيانًا لمستند الإجماع ليس هو دليل آخر من حيث هو، إنما هو جماع لمدلول الآية، فورّث في هذه الآية الأخ جميع ما للأخت {إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ}، {إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ} حينئذٍ ورث الأخ كل ما للأخت، وهذا هو حقيقة التعصيب بأنه أحرز كل المال إذا لم يكن ثم وارث {إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ}، والابن وابنه والأب والجد أولى من الأخ لقرابته، وقيس عليه بنو الإخوة والأعمام وبنو هم والموالي بجامع التعصيب، وهذا كله مجمع عليه، يعني منهم من نص عليه الدليل، ومنهم من أُلحق بالقياس، ثم القياس مجمع عليه.
إذًا هذا جزء من العصبة بأن من أحرز كل المال من القرابات أو الموالي عند انفراده بمعنى إذا لم يكن ثَمَّ صاحب فرض فهو عاصب:
أَوْ كَانَ مَا يَفْضُلُ بَعْدَ الْفَرْضِ لَهْ ... فَهْوَ أَخُو الْعُصُوْبَةِ الْمُفَضَّلَةْ
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.