وحَقَّ وحُقّ يجوز فيه الوجهان حَقَّ بالفتح أي وجب صناعةً، وفحَقَّ بفتح الحاء مبنيًّا للفاعل بمعنى وجب، حقّ الشيء يَحِقُّ بالكسر أي وجب، حَقَّ يَحِقُّ من باب ضَرَبَ يَضْرِبُ أي وَجَبَ، وإنما وجب صناعةً أن نشرع في التعصيب لماذا؟ لأن العادة عند الفرضيين جرت بذلك يقسمون الإرث إلى نوعين (وَاعْلَمْ بِأَنَّ الإِرْثَ نَوْعَانِ) ثم يشرعون في الفرض، ثم بعد الانتهاء من الفرض يبدؤون بالتعصيب، حينئذٍ صار الواجب هنا واجب صناعة كما نذكره في مقدمات البسملة وغيرها، وإنما وجب صناعة أن نشرع في التعصيب لأن العادة جرت بذلك بذكر التعصيب بعد ذكر الفروض، ويصح أن يقرأ بضم الحاء مبنيًّا للمفعول لأنه يستعمل متعدِّيًا فيصح بناؤه للمفعول كما في قول النحاة تقدير زيدٌ أبوك عطوفًا أي أُحِقُُّهُ عطوفًا إذًا يجوز فيه الوجهان حَقَّ حُقَّ ولا إشكال فيه. (أَنْ نَشْرَعَ) أن وما دخلت عليه تأويل مصدر فاعل أو نائب فاعل، إذا قيل حُق فهو نائب فاعل، وإذا قيل حَقّ فهو فاعل، أن نشرع ونبدأ في التعصيب، يعني في بيان التعصيب وحينئذٍ يكون حذف المضاف، في بيان ذي التعصيب، يعني أصحاب الإرث بالتعصيب، ولذلك قال الشارح في الإرث به، وعليه ففي النظم توسُع بحذف الجار مع الباء (به) حذفها (بِكُلِّ قَوْلٍ مُوْجَزٍ مُصِيبِ) نشرع بكلّ. إذًا بكل جار ومجرور متعلق بقوله: نشرع، (بِكُلِّ) هل الاستغراق هنا مراد بمعنى أنه لا يترك شيئًا البتة، أو عرفي يعني بالمجموع؟ لا شك أنه الثاني، فحينئذٍ الاستغراق هنا الذي أفادته كلّ استغراق عرفي لأنه بحسب ما تيسر له، وإلا فالاستغراق الحقيقي غير ممكن (بِكُلِّ قَوْلٍ) قول مصدر بمعنى مقول بمعنى اسم المفعول، بكلّ مقول تيسر له، حينئذٍ نجعل الكلية هنا عرفية لا حقيقية، وصف هذا القول بأنه موجَز بفتح الجيم أي موجَز فيه، فهو من باب الحذف والإيصال، ويصح كسر الجيم موجِز على أنه اسم فاعل لكن يكون الإسناد مجازيًّا أي من موجِزٍ قولٍ موجزٍ صاحبه، يعني الصاحب هو الذي يوجِز، وأما موجَز فهو وصف للقول، وموجِز بالكسر فهو وصف للناظم نفسه، والموجَز المراد به المختصر، وهذا بناءً على أنّ الإيجاز والاختصار مترادفان كما سبق في أول النظم. (مُصِيبِ) اسم فاعل من أصاب، وأصله مُصْوِب بوزن مُكْرِم نُقلت حركة الواو للساكن قبلها، ثم قلبت الواو ياء لسكونها إثر كسرة، مُصِيب من الصواب ضد الخطأ، ولذلك قال الشارح: ليس بخطأ.

فَكُلُّ مَنْ أَحْرَزَ كُلَّ الْمَالِ ... مِنَ الْقَرَابَاتِ أَوِ الْمَوَالِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015