إذًا ليس هو السابق وإنما هكذا ابتداءً عصبة نوعان: عصبة جمع لعاصب، وعصبة اسم جنس إفرادي. من أجل أن يصح التعبير لأن الذي يخبر به عن الواحد والاثنين والجمع ويستوي اللفظ دون تغيير له بإلحاق علامة التثنية أو إلحاق علامة جمع هو الجنس الإفرادي، وأما الذي يكون جمعًا فلا يصح هذا، إنما نقول: زيد عصبة والزيدان عصبتان والزيدون عصبات. هذا الذي يناسبه، وأما اتحاد اللفظ فحينئذٍ لا بد أن يكون اسم جنس إفرادي.

إذًا عصبة له استعملان جمع وليس بجمع، وهذا لا إشكال فيه مثل فُلك يكون جمعًا ويكون مفردًا، والأمر واضح، وقُفُل ونحوها، قُفُل وقُفل، لا، قُفُل هذا مفرد وقفل جمع ثم يتحدان إذا خُفِّفَ الثاني قُفُل قُفْل يُنْظَر فيه.

والعصبة في اللغة قرابة الرجل لأبيه، العصبة عرفنا أنه اسم لذوات، وقرابة في الأصل أنها مصدر فهي معنىً، حينئذٍ لا يصح الإخبار عن المبتدأ بذي المعنى، أي ذوو قرابة الرجل فلا بد من حذف المضاف، العصبة لغة قرابة الرجل ذوو قرابة الرجل، لا بد من الإتيان بذو وجمعها، أي ذوو قرابة الرجل، فهو على تقدير مضاف ليصح الإخبار به عن العصبة، فإن القرابة معنى من المعاني، والعصبة اسم للذوات فلا يصح الإخبار إلا بتقدير هذا المضاف، ويصح أن تكون القرابة بمعنى الأقارب، وحينئذٍ اتحدا من حيث إطلاقه على الذوات. إذًا القرابة مصدر ولا يصح الإخبار به عن الذوات وهو العصبة، حينئذٍ لا بد من حذف مضاف ذوو قرابة، أو نجعل القرابة هنا ليس المراد بها المصدر وإنما أطلق وأريد بها الأقارب وهم ذوات. قرابة الرجل لأبيه. هذا تقييد احترازًا من قرابة الرجل لأمه لأنه ليس عصبات إنما هو خاص بالرجل، أي دون أمه لضعف قرابتها حيث أدلوا برحم أنثى، وأيضًا في الغالب أنه من قبيلة أخرى منفكة عن الميت. إذًا العصبة في اللغة قرابة الرجل لأبيه سمّو بها يعني سمي أقارب الرجل بالعصبة، لأنهم عصبوا به أي أحاطوا به، فالعصبة حينئذٍ مأخوذة من العصْب بمعنى الإحاطة، وعَصَبَ بمعنى أحاط يتعدّى بالباء، وبمعنى شدّ يتعدى بنفسه، وكل ما استدل حول شيء فقد عصب به أي أحاط به، ومنه العصائب أي العمائم يعني منه، من العصب بمعنى الإحاطة العصائب أي العمائم، سميت بذلك لإحاطتها بالرأس، وقيل: سمو بها يعني بهذا اللفظ أقارب الرجل بالعصبة لتَقَوِّي بعضهم ببعض، يعني بعض الأقارب يتقوى بالبعض الآخر على القديم، من العصب وهو من الشدِّ والمنع، بعضهم يشدّ بعضًا، يقال: عصبت الشيء عصبًا شددته، والرأس بالعمامة شددته، ومنه العصابة يُشَدُّ الرأس بها، وقيل غير ذلك. إذًا لماذا سمو عصبة؟

فيه قولان:

- إما من الإحاطة من عصب بمعنى الإحاطة لأنهم أحاطوا بالميت.

- أو مأخوذ من الشد والمنع.

ومدار هذه المادة وهي العين والصاد والباء على الشدِّ والقوة والإحاطة والمنع، وكلها لا مانع أن يقال: بأنهم سمو عصبة لهذه المعاني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015