{إِخْوَةٌ} أطلق هنا الشرع، وإذا قيل بأن الجمع أقله ثلاثة جاء هنا قول ابن عباس بأن الاثنين لا يحجبون الأم من ثلث إلى السدس، لكن محل إجماع صار إجماعًا ولم يراعَ الخلاف بأن الإخوة المراد بهم هنا الاثنان فأكثر، {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} لا تشمل بحسب ظاهرها نحو الأختين، وإنما تشمل ذلك بعد حمل الجمع على ما فوق الواحد، الأخوين فأكثر، يعني: إذا نظرنا إلى لسان العرب ودائمًا نكرر بأن أقل الجمع ثلاثة فكيف نطبق هذا هنا؟ حينئذٍ نقول: المرَدُّ إلى الشرع، وهذا محل وفاق، لا تشمل بحسب ظاهرها، يعني: المعنى اللغوي إخوة لا يشمل إلا ثلاثة فأكثر، وهذا واضح بين، لكن في باب الفرائض استقر الاصطلاح الشرعي والعرفي عند الفرضيين بأن أقل الجمع اثنان، فيكون حينئذٍ هذه حقيقة عرفية وليست حقيقة لغوية، وإنما هي حقيقة عرفية وزد عليها كذلك حقيقة شرعية، لا تشمل بحسب ظاهرها نحو الأختين، وإنما تشمل بعد حمل الجمع على ما فوق الواحد الأخوين فأكثر، وهذا واضح بين، والأخ والأخت فأكثر إن راعينا التغلب فيكون نحو الأختين مقيسًا على نحو الأخوين، لأن كما ذكرنا إخوة هذا مذكر، والأختين الأخوات هذا من باب القياس، وأما اللفظ حينئذٍ نقول: لا يشمل الإناث، لأنه جمعٌ والجمع هنا جمع مفرده أخ وهو مذكر، حينئذٍ هذا الجمع جمع تكسير لمذكر، والأخوات هذا جمع لمؤنث، حينئذٍ لا يدخل هذا تحت ذاك كما في قوله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب: 35] ... إلى آخر، فكل جمع مستقل بمعناه، هذا هو الأصل، لكن هنا يستثنى من هذه قواعد فكل قاعدة لها استثناءات منها ما يذكر هنا في هذا المقام، إذًا {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} اثنان فأكثر والإخوة هنا مذكر من باب التغليب فيدخل فيه الأختان فأكثر، هذا تقرير هذه نهاية {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} إِخوة اثنان فأكثر ذكرين، أو أختين فأكثر فيكون حينئذٍ أطلق الجمع المذكر هنا فيشمل الإناث من باب التغليب أما باعتبار ظاهره دون نظرٍ إلى الفن أصول الفن نفس الفرائض ودون نظر إلى وسائل الأحكام الشرعية المتعلقة بالفرائض فالأصل أنه خاص بالمذكر وكذلك ثلاثة فأكثر، ولكن هذا لم يقل به إلا ابن عباس من حيث العدد اثنين فأكثر، قال هنا: (فَقِسْ هَذَيْنِ).