(وَيَمْنَعُ) إذًا الكلامُ في المانع لأنه قال يمنع، ويمنع هذا فعل مضارع، والفعل المضارع والوصف الذي هو المانع الذي سبق حدّه لأن الموانع قلنا: جمع مانع، مأخوذ ماذا؟ من المنع، ويمنع كذلك مأخوذ من المنع، إذًا كل منهما المضارع والوصف مشتق من المصدر وهو المنع فالدلالة واحدة، لا يشترط أن يصرَّح بالمانع اسم فاعل، إنما يمنع الشخص أطلق الشخص هنا وأراد به الذي قام به سبب الإرث، لأن المنع إذا قيل بأن هذا الشيء يمنع من كذا يُشترط في الممنوع أو من قام به المانع أن يكون قد قام به سبب الإرث ووجد الشرط، فهذا الشخص المعين هو الذي يصح أن يقال مُنِعَ من كذا، مُنع من الإرث، أما إذا لم يقم به سبب الإرث نكاح ولا نسب لا يتصف بكونه مانعًا، لو وُجد مثلاً شخص بعيدًا عن الميت قتله لا نقول هذا قاتلٌ وقد قام به القتلُ وهو مانعٌ من الإرث، نقول: لا هو أصلاً لو لم يقتل ما ورث، أليس كذلك؟ لو كان أجنبيًّا منفكًا عنه لم يُوجد فيه لا نكاح ولا ولاء ولا نسب، فإذا قتل حينئذٍ نقول: لا يرث من المقتول لا لكونه قاتل قام به سبب أم قام به المانع، وإنما لكونه لم يوجد فيه سبب الإرث، فحينئذٍ يكون المنعُ على جهةٍ معينة على شخص معين ليس مطلق الشخص، وإنما الشخص الذي هو أهلٌ بأن يرث، بأن يكون وجد فيه واحدٌ من الأسباب الثلاثة، حينئذٍ إذا اتصف بشيء من هذه الموانع الثلاثة نقول: مانع الإرث. وأما إذا لم يكن قد قام به سبب من أسباب الإرث ولو وجد فيه واحد من هذه الموانع الرق والقتل واختلاف الدين، لا نقول: بأنه مانع، لأن حديثنا عن شخص معين يرث أو لا يرث، هذا المرادُ هنا. إذًا (وَيَمْنَعُ الشَّخْصَ) أطلق الشخص وأرد به شخصٌ معين وهو الذي قام به سبب الإرث، ويمكن أن نجعل (أل) هنا للعهد الذهني والذي يوقف على ذلك هو الموقّف. تحتمل هذا، (وَيَمْنَعُ الشَّخْصَ) يعني الشخص الذي قام به سبب الإرث حينئذٍ المراد بالمانع هنا: ما يجامع السبب والشرط، ولذلك يقدم الكلام على الأسباب والشروط، ثم تذكر الموانع، هكذا جرى أهل الفرائض، يتكلمون عن الأسباب، ثم عن الشروط، ثم الموانع. لماذا أخروا المانع؟

ليكون الترتيب مقصودًا بأن يكون قد قام بالشخص أسباب الإرث، أو سبب من أسباب الإرث وتحقق الشرط، حينئذٍ إذًا اتصف بواحدٍ من هذه الأوصاف الثلاث نقول: أنت ممنوع، لولا هذا المانع لكنت وارثًا، إذًا المراد بالمانع هنا: ما يجامع السبب والشرط. يعني يتحقق السبب فيه في هذا الشخص المعين وكذلك يتحقق الشرط، فحينئذٍ إذا اتصف بواحد من هذه الموانع الثلاث قلنا: وُجد السبب وتحقق الشرط ولم يؤثر السبب ولم يؤثر الشرط لا لذات كلٍّ منهما، وإنما لقيام مانع من تأثير كلٍّ منهما. إذًا ... (يَمْنَعُ الشَّخْصَ مِنَ الْمِيْرَاثِ) من الإرث، ميراث سبق أنه مِوْراث هذا الأصل، وهو مصدر أطلق وأريد به المعنى المصدري.

قوله: (الشَّخْصَ) بالنصب على أنه مفعول مقدم، وقوله: (وَاحِدَةٌ) نعت وصفة لموصوف محذوف علةٌ واحدةٌ.

وَيَمْنَعُ الشَّخْصَ مِنَ الْمِيْرَاثِ ... وَاحِدَةٌ ...............

طور بواسطة نورين ميديا © 2015