ولا يظنون دخول جميع العبادات في الدعاء ... )) (?).
من خلال ما مضى تبين لنا أن الدعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، وكلٌّ من نوعي الدعاء متلازمان، فإذا أريد به المسألة والطلب يدل على العبادة بطريق التضمن؛ لأن الداعي دعاء المسألة عابد للَّه تعالى بسؤاله، ورغبته، والتضرع إليه، والابتهال إليه، والانطراح بين يديه، وهو يرجو قبول دعوته، وقضاء حاجته، وهو مع ذلك خائف من طرده، وعدم قبول دعوته، فهذا هو لبُّ العبادة، ومخّها، وروحها، وحقيقتها، فالآيات التي ورد فيها الدعاء مراداً به دعاء المسألة، تدل هذه الآيات بطريق التضمن على دعاء العبادة، وأما إذا أريد بالدعاء دعاء العبادة، فإنه يدل على دعاء المسألة بطريق دلالة الالتزام، وذلك لأن العابد للَّه تعالى كالذي يذكر اللَّه تعالى مثلاً، فهو في الحقيقة سائل للَّه تعالى، يسأله الفوز بالجنة، والنجاة من النار، فإنه يعبد اللَّه تعالى خوفاً من عقابه، وطمعاً في رحمته، ولا يخلو العابد في قرارة نفسه من الخوف والرجاء؛ ولهذا فالعبادة تستلزم السؤال والطلب، فإذا أريد من الدعاء دعاء العبادة، فإنه يدل على دعاء المسألة استلزاماً (?).