النقولات التي نقلها المصنف يمكن تقسيمها على أصناف:
1 - صنف منها عن السلف.
2 - صنف منها عن بعض علماء الكلام الكبار.
3 - صنف منها عن كبار الفقهاء في المذاهب الأربعة -كبار أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة وغير ذلك-
4 - صنف منها عن قوم من متأخري المتكلمين، تبين لهم غلط طريقتهم الأولى كـ الجويني.
والمصنف هنا لا يريد أن يقرر عقيدة أهل السنة بهذه النقولات كلها، حيث إن من أصحاب هذه النقولات من لا يعتبر في تقرير اعتقاد السلف، لكن مقصوده منها أن يبين أن الطريقة التي حققها هو وقررها هو ومن قبله من علماء أهل السنة ليست كما قال كثير من متأخري الأشاعرة أنها مختصة بالحنابلة، بل هي طريقة شائعة في كلام السلف -الذين هم المعتبر في هذا الباب- كذلك شائعة في كلام بعض أئمة الكلام.
وهو ينقل عن بعض الصوفية ليبين أن هذا شائع حتى في المتصوفة، خلافاً لطريقة أبي القاسم القشيري وأبي حامد الغزالي.
كذلك ينقل عن الفقهاء ليبين أن هذا ليس اختصاصاً حنبلياً بل هو مشهور عند كبار المالكية، والحنابلة، وأن المحققين من أصحاب الأئمة الأربعة كأئمة أصحاب مالك وأصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة فضلاً عن أصحاب أحمد هم على هذا الاعتقاد، وإن كان الغلط الذي وقع فيه بعض الشافعية والمالكية والحنفية ليس خاصاً بهم، بل من حتى الحنابلة من وقعوا في هذا الغلط.
إذاً الصواب ليس مختصاً بالحنابلة، والغلط ليس مختصاً بالحنابلة، بل فيهم صواب وغلط، وإن كان مذهب الصواب فيهم أكثر من غيرهم.
ومما يشار إليه هنا: أنه في مناظرة الواسطية قال بعض كبار القضاة من فقهاء الشافعية والمالكية للسلطان: ليقل -يعنون شيخ الإسلام - أن هذا معتقد أحمد بن حنبل أو معتقد الحنابلة.
وقد كان شيخ الإسلام استفتح الواسطية بقوله:
أما بعد ..
فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة.
لذلك طرحوا عليه سؤالاً وقالوا: على هذا يكون اعتقاد أئمة الأشعرية الذين ماتوا قبله ليسوا من أهل الفرقة الناجية ولا المنصورة وأنهم في النار؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كلها في النار إلا واحدة).