[وعندنا من الدلائل السمعية والعقلية ما لا يتسع هذا الموضع لذكرها].
قوله: وعندنا من الدلائل السمعية والعقلية يتبين به أن مذهب السلف مذهب مبني على الدلائل السمعية وكذلك على الدلائل العقلية، وإن كان العقل عند السلف ليس مصدراً للتلقي، فهو وإن صح دليلاً في بعض الموارد إلا أنه ليس مصدراً للتلقي؛ ولهذا لا ترى أن مسألةً واحدة لا في الشريعة فضلاً عن أصول الدين يكون معتبر القول فيها عند السلف هو الدليل العقلي، وإن كان الدليل العقلي يقارن كثيراً من الدلائل الشرعية السمعية، وهذا مقام آخر.
ولهذا لو قيل: هل يُستدل بالعقل عند السلف؟
قيل: إما باعتبار كونه مصدراً للتلقي، أي أن المسألة المعينة سواء كانت في مسائل أصول الدين أو الشريعة تثبت بهذا الدليل من جهته مع عدم دلالة السمع فإن هذا لا يكون، ولكن العقل يقارن كثيراً من الدلائل السمعية، ولهذا يكون مصححاً، هذا إذا قصد بالدليل العقلي الذي يحصله أعيان الناظرين، أما إذا قصد بالدليل العقلي الدليل القرآني الذي مقدماته عقلية فهذا مقام آخر.