قَوْله: " حَتَّى بلغ مني الْجهد ":

يرْوى بِضَم الْجِيم وَبِفَتْحِهَا، وبرفع الدَّال وبنصبها، فالجهد: بِالضَّمِّ الطَّاقَة والوسع، وبالفتح التَّعَب والشدة، وَرفع الدَّال على معنى أَن " الْجهد " فَاعل " بلغ " أَي بلغ الْجهد مني مبلغه أَو مبلغا عَظِيما فأبهمه لذَلِك وَنصب الدَّال على معنى أَن الْملك بلغ مِنْهُ الْجهد فَهُوَ مفعول.

قَالَ عِيَاض: " أَي بلغ الْغَايَة وَالْمُبَالغَة وَالْمَشَقَّة ".

وَقَالَ الْقَزاز: قَوْله: " حَتَّى بلغ مني الْجهد " أَي أقْصَى مَا أقدر عَلَيْهِ وَهُوَ الْجهد، والجهد بِفَتْح الْجِيم وَضمّهَا لُغَتَانِ يُقَال: بلغ مني الْأَمر جهده وجهده ومجهوده.

وَفِي حَدِيث عبيد بن عُمَيْر: " فغتني حَتَّى ظَنَنْت أَنه الْمَوْت " ثمَّ ذكر أَنه فعل ذَلِك بِهِ ثَلَاثًا.

فَإِن قلت: لم فعل بِهِ الْملك ذَلِك؟

قلت: قَالَ الْمُهلب: " فِيهِ من الْفِقْه أَن الْإِنْسَان يذكر وينبه على فعل الْخَيْر بِمَا عَلَيْهِ فِيهِ مشقة ".

قَالَ غَيره: وَفِيه دَلِيل على أَن الْمُسْتَحبّ فِي مُبَالغَة تَكْرِير التَّنْبِيه والحض على التَّعْلِيم ثَلَاث مَرَّات، وَقد رُوِيَ عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه كَانَ إِذا قَالَ شَيْئا أَعَادَهُ ثَلَاثًا للإفهام ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015