ثمَّ فسرت مَا كنت عَنهُ بِذكر الصدْق فِي الرُّؤْيَا بقولِهَا: " فَكَانَ لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح " هَكَذَا فِي رِوَايَة يُونُس عَن الزُّهْرِيّ الَّتِي ذكر مُسلم متنها " فَكَانَ " بِالْفَاءِ، وَفِي رِوَايَة عقيل عَن الزُّهْرِيّ وَهِي الَّتِي أخرج البُخَارِيّ متنها " وَكَانَ " بِالْوَاو، وَفَائِدَة الْوَاو أَن عَادَته - صلى الله عليه وسلم - فِي مناماته صَلَاحهَا وصدقها، وَلم يخْتَص ذَلِك بِمَا رَآهُ قبيل المبعث، وَلما كَانَت المنامات من قبل الله تَعَالَى وَمن ابتلائه بتمكين الشَّيَاطِين من التهاويل فِيهَا والتخويف كَانَ الْفرق الْفَاصِل بَين مَا جَاءَ من عِنْد الله مِنْهَا وَبَين أضعاث الشَّيَاطِين صَلَاح الرُّؤْيَا وحسنها وصدقها.

وَمن وُجُوه الْحِكْمَة فِي بداءته بالمنامات الْحَسَنَة تدريجه من رُؤْيَة النّوم الْمُعْتَادَة إِلَى خطاب الْملك لَهُ فِي الْيَقَظَة فَذَلِك أسهل على النَّفس وَأبْعد عَن الفتور.

قَالَ ابْن بطال:

" قَالَ الْمُهلب: هِيَ تباشير النُّبُوَّة وَكَيْفِيَّة بدئها، لِأَنَّهُ لم يَقع لَهُ فِيهَا ضغث فيتساوى مَعَ النَّاس فِي ذَلِك بل خص بصدقها كلهَا ".

و" فلق الصُّبْح " ضياؤه إِذا انْفَلق وتميز عَن ظلمَة اللَّيْل وَظهر نوره وانبلج، يُقَال: فلق الصُّبْح وَفرق الصُّبْح بِاللَّامِ وَالرَّاء المفتوحتين، وَهَذَا الْأَمر أبين من فلق الصُّبْح وَفرق الصُّبْح لُغَتَانِ صحيحتان فصيحتان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015