وَلما كَانَت المعالم والمعارف الَّتِي وصلت إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - من جِهَة ربه عز وَجل مُخْتَلفَة الطّرق والأسباب على مَا نبينه أخْبرت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن أول سَبَب وَطَرِيق حصل لَهُ مِنْهَا وَكَيف كَانَ ابْتِدَاء ذَلِك.
وَقد جمع الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم السُّهيْلي تِلْكَ الطّرق وحصرها فِي سبع صور، وَتكلم الْفَقِيه أَبُو عبد الله الْحَلِيمِيّ على بَعْضهَا.
فَمِنْهَا النّوم كَمَا فِي حَدِيث عَائِشَة هَذَا، وكقول إِبْرَاهِيم خَلِيل الله لِابْنِهِ ذبيح الله صلى الله عَلَيْهِمَا: {إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك قَالَ يَا أَبَت افْعَل مَا تُؤمر} ، فَدلَّ على أَن الْوَحْي كَانَ يَأْتِيهم فِي النّوم كَمَا يَأْتِيهم فِي الْيَقَظَة، وَفِي " صَحِيح البُخَارِيّ " عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: " رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي، وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة ".
وَمِنْهَا أَن ينفث فِي روعه الْكَلَام نفثا كَمَا قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: " إِن روح الْقُدس نفث فِي روعي: إِن نفسا لن تَمُوت حَتَّى تستكمل رزقها وأجلها، فَاتَّقُوا الله وأجملوا فِي الطّلب ".