وَقَالَ أَبُو عبد الله الْقَزاز: قَوْله: " من الْوَحْي " " من " هُنَا لإبانة الْجِنْس كَأَنَّهُ قَالَ: من جنس الْوَحْي وَلَيْسَت من الْوَحْي فَتكون " من " للتَّبْعِيض وَلذَلِك قَالَت " فِي النّوم " فقرنتها بِالنَّوْمِ لِئَلَّا تكون من رُؤْيَة الْملك فِي الْيَقَظَة، وَنحن نقُول: إِن رُؤْيا الْأَنْبِيَاء فِي الصِّحَّة كالوحي.
قَالَ القَاضِي: قد جَاءَ فِي حَدِيث آخر: " إِنَّهَا جُزْء من أَجزَاء النُّبُوَّة "، وَقد بَينا أَنَّهَا من جملَة خصالها، فالوحي أَنْوَاع وضروب وينطلق على معَان، فَلَا يبعد أَن تكون " من " للتَّبْعِيض على هَذَا، وَأَصله الْإِعْلَام، ورؤيا الْمَنَام إِعْلَام وإنذار وَبشَارَة ".
قلت:
أصل الْوَحْي فِي اللُّغَة إِعْلَام بِسُرْعَة فِي خَفَاء، فَتَارَة مُبَاشرَة، وَتارَة بإرسال، وَتارَة بإلهام، وَقد جمع الثَّلَاثَة قَوْله تَعَالَى: (وَمَا كَانَ لبشر أَن