قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: " قبل أَن تفرض الصَّلَاة ":
يَعْنِي نزُول أول سُورَة المدثر كَانَ أول أَمر النُّبُوَّة قبل أَن يشرع أصل الصَّلَاة، وَلَيْسَ يَعْنِي هَذِه الصَّلَوَات الْخمس فَإِن هَذِه الصَّلَوَات إِنَّمَا فرضت لَيْلَة الْإِسْرَاء على مَا شهِدت بِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، والإسراء كَانَ قبل الْهِجْرَة بِقَلِيل، فقد شَارك أول سُورَة المدثر فِي ذَلِك جملَة من الْقُرْآن فَلَا يَلِيق تَحْدِيد وَقت نُزُولهَا بذلك، وَإِنَّمَا يَعْنِي فرض الصَّلَاة الَّتِي كَانَت مَأْمُورا بهَا قبل ذَلِك على مَا يشْهد بِهِ أول سُورَة المزمل وأخرها.
وَفِي " صَحِيح مُسلم " عَن عَائِشَة قَالَت: " إِن الله افْترض الْقيام فِي أول هَذِه السُّورَة فَقَامَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابه حولا حَتَّى انتفخت أَقْدَامهم ".
وَقَالَ قَتَادَة: " كَانَ بَدْء الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَرَكْعَتَيْنِ بالْعَشي ". أخرجة الْحَافِظ الْبَيْهَقِيّ فِي " السّنَن ".
وَإِنَّمَا ذَلِك نَظِير مَا وَقع فِي رِوَايَة مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب قَالَ: وَكَانَت خَدِيجَة أول من آمن بِاللَّه وَصدق رَسُوله قبل أَن تفرض الصَّلَاة. وَقد أسلم قبل لَيْلَة الْإِسْرَاء طَائِفَة من الصَّحَابَة كثير.