يثير أولًا الإشكال التالي؛ هو أن الصيام زمن الحيض معصية. فكيف يوسف ما هو معصية بأنه واجب. وإذا لم يكن واجبًا فكيف يقضي؟ ففي هذا تناقض. وفصل اضطراب الأصوليين من منكر لتوجه الخطاب كالكرخي. واختلاف قول المالكية: من يرى أن المسافر والمريض مخاطبان دون الحائض. ومن يرى أن المخاطب المسافر دون المريض والحائض.
ثم ذكر أن القاضي أبا بكر بن الطيب على عظم شأنه في علم الأصول قد اختلف قوله في كتبه ثم بسط ما يمكن أن يوجه به كل رأي. وما ينتقد به التوجيه.
وأنهى بحثه الرائق بحل الأشكال. رابطًا بين القضاء وبين النية التي لا بد من استحضارها عند الفعل حتى يتميز عن غيره. وهذه النية المميزة المتضمنة أن هذا الوجوب على الحائض إنما هو كالقضاء عن وجوب فات. فاستحضارها للوجوب الفائت عليها هو السر الذي من أجله أطلق أن الوجوب متوجه دون الفعل أيام الحيض.
ونبه الناظر في شرحه لعزة هذا التحقيق. قائلًا: وهذا فصل قد كشفنا لك فيه اختلافًا كثيرًا. وقع بين أهل الأصول ومعنى أطلقه أهل الفروع. وبحنا لك بالسر فيه فاحتفظ به. فما تعرض لهذا أحد من الفقهاء المنصفين. وإذا أحطت به علمًا علمت حقيقة ما قاله القاضي أبو محمَّد في هذا الكتاب. وحقيقة ما تعقب عليه. وأنه إن ترك كلامه على ظاهره فقد بان ما تعقب به عليه. ثم قال وإن أحببت الاعتذار عنه وإلحاقه بالجمهور في هذه المسألة، وهو الظن الجميل به لعلو قدره في علم الأصول والفروع. قلت قد أريناك معنى قول الفقهاء. إلخ (?).
فأنت ترى كيف احتاط قبل أن يذكر اختلاف قول القاضي أبي بكر لمقام الأدب فقال: "على عظم شأنه في علم الأصول". وكيف أرشدك إلى الاعتذار عن القاضي أبي محمَّد بما يقتضيه أدب العلماء "وهو الظن الجميل به لعلو قدره في علم الأصول والفروع".
وفي هذا النموذج مع ما تجده منبثًا في كلامه من سمو خلقي، ورفيع أدب