سادسًا: تنويهه بالمنهج العراقي الذي يكشف عن أسرار التشريع وتعمق موارد الأحكام ليبدي الفروق الكامنة مما يوضح المنحى الذي من أجله اختلفت فيرفع الاشتباه الحاصل من النظر الأولي.
فمن ذلك أنه لما تحدث عن غسل النجاسة وذكر أنها لا تفتقر إلى نية، علل ذلك بانها طهارة معقولة المعنى فكان نفس الفعل محققًا للغرض عند القيام به. بخلاف طهارة الحدث فلما كانت لا يقصد بها أمر محسوس ولا تحصيل غرض وإنما يحصل بها أجر في العقبى افتقرت إلى نية لتحصيل الغرض المطلوبا "يعني الأجر".
وبنى على هذا أن ما مال إليه بعض متأخري فقهاء القيروان إلى أن النضح للنجاسة يفتقر إلى نية بخلاف غسلها. وأن هذا التفريق تعقبه بعض القرويين بأنه إذا قدرنا المشكوك فيه موجودًا فالنجاسة الموجودة لا تفتقر إزالتها إلى نية. وإن قدرنا عدم النجاسة فالغسل ساقط. ثم قال: "ومن عجيب ما ينبغي أن يتفطن إليه أن هؤلاء المتأخرين من المغاربة، تحوم خواطرهم على هذه المعاني التي أبرزها حذاق أهل العراق للوجود ...
وكأن من حكينا عنه من القرويين. أن النضح يفتقر إلى نية استشعره ورأى أن الناضح لا يزيل عينًا فأشبه المتطهر للحديث في افتقاره إلى النية فلا وجه لاستبعاد قوله" (?).
سابعًا: هو في مناقشته لأدلة المذاهب ولوجهات نظرهم حريص أتم الحرص على الأدب وحسن الظن بهم ويوصي بذلك. وأورد شاهدًا على طريقته هذه النموذج الآتي الذي يجمع بين أمور. تقديره وأدبه مع من يناقشه. شجاعته في بيان ما يراه حقأوإن خالف فيه أقطاب العلم الذين هم أئمة فيه. عمق نظره وحدة ذكائه.
يقول القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب "ودم الحيض يمنع وجوب الصلاة وصحة فعلها وفعل الصوم دون وجوبه".