شرح التلقين (صفحة 83)

التطهير على الماء. ومن راعى قصد الشارع من إزالة القذارة وهي تتحقق بالخل وماء الورد اعتبر ذلك مطهرًا. ومما احتج به المالكية والشافعية أن الله سبحانه قصر التطهير على الماء. فقال تعالى: {مَاءً طَهُورًا} {مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}. وقال - صلى الله عليه وسلم - في الدم: ثم اغسليه بالماء. فخص الماء بالذكر فوجب القصر عليه. قال الإِمام وهذا فيه نظر. لأنه لا يمتنع أن يكون القصد أن الماء له فضيلة التطهير، وكون غيره له هذه الفضيلة لا يسلب فضيلته. وقد يمدح بعض الأشخاص بما يوجد في غيره. فيقال فلان عالم وصالح. وإن كان غيره يشركه في ذلك وخص الماء لأنه أعم في الطهارة ليس وجوده (?).

وبهذا تكون طريقة المازري تختلف عن طريقة المدرسة القيروانية التي أشار إليها المقري. في صناعة التأليف في المغرب. قال: ولقد وقفت على بعض التعاليق لأحد المتأخرين على كلام في صناعة التأليف "قد كان للقدماء رضي الله عنهم في تدريس المدونة اصطلاحان: اصطلاح عراقي واصطلاح قروي. فاهل العراق جعلوا في مصطلحهم مسائل المدونة كالأساس. وبنوا عليها فصول المذهب بالأدلة والقياس. ولم يعرجوا على الكتاب بتصحيح الروايات ومناقشة الألفاظ. ودأبهم القصد إلى إفراد المسائل وتحرير الدلائل على رسم الجدليين وأهل النظر من الأصوليين.

وأما الاصطلاح القروي، فهو البحث عن ألفاظ الكتاب، وتحقيق ما احتوت عليه بواطن الأبواب، وتصحيح الروايات، ولجيان وجوه الاحتمالات، والتنبيه على ما كان في الكلام من اضطراب الجواب، واختلاث المقالات، مع ما انضاف إلى ذلك من تتبع الآثار" وترتيب أساليب الأخبار، وضبط الحروف على ما وقع في السماع (?). إن عناية المدرسة القيروانية بتتبع أقوال المذاهب الأخرى، والنظر في أدلتها والموازنة بين الأدلة، ضعيفة جدًا إذا ما قيست بالمدرسة العراقية. وذلك لاختلاف البيئة العلمية اختلاف أبي نًا. فالعراق قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015