شرح التلقين (صفحة 359)

السنة الطريقة. لكن غلب على السنة الفقهاء إطلاق هذه التسمية على المراسم التي لا يحرم تركها. والواجب يحرم تركه. فلا يطلقون عليه هذه التسمية في غالب محاوراتهم. وقد ذكرنا في كتاب الطهارة من كتابنا هذا تأويل من تأول قول من قال غسل النجاسة سنة على أنه وجب من جهة السنة. وكأن هذا خارج عما ذكرنا ها هنا من غالب عادتهم. وإنما نبهناك عليه لتعرف شذوذه عن عادة الإطلاق عندنا. وقد يعتاد خلاف هذه العادة آخرون. ولا وجه للمناقشة في العبارة.

وكذلك أيضًا يطلق الفقهاء لفظة الرغائب. والواجبات مرغب فيها.

فالاشتقاق يقضي بكونها من الرغائب. لكنهم لا يختلفون في الامتناع من إيقاع هذه التسمية على الواجبات.

وأما النافلة فهي الزيادة وسميت بعض المندوبات نوافل، لكونها زيادة على الفرض. وأصل الاشتقاق يقتضي إطلاق التسمية على سائر المندوبات لكون جميعها زيادة على الفرض. لكنهم لم يستعملوها أيضًا في الجميع.

وكذلك قولهم فضيلة إنما يطلقونها على البعض من المندوبات. وإن كان أخذًا (?) من الفضل (?) فالواجب فيه فضل. وإن كان آخذًا من الفضلة (?) فالمندوبات كلها كالفضلة مع الواجبات. هذا اشتقاق هذه التسميات وإجراؤها على حكم الاشتقاق. ولكنهم اصطلحوا على قصرها على معاني ليتميز كل نوع من صاحبه بمجرد النطق بتسميته. فسموا كل من علا قدره في الشرع من المندوبات. وأكد الشرع أمره وحده وقدره، وأشاده وأشهره سنة كالعيدين والاستسقاء. وسموا ما كان من الطرف الآخر بالعكس من هذا، نافلة. وسموا ما توسط بين هذين الطرفين فضيلة. هذا سر القوم في إطلاق هذه التسميات، وهي مما يكثر جريانها على ألسنة أهل الشرع. وعليها يبنى ما نتكلم عليه بعد هذا إن شاء الله. فيجب الوقوف على حقيقتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015