شرح التلقين (صفحة 325)

أن نورد عليك فصلًا يتعلق بعلم الأصول ليتضح لك الكلام (?) المتعقب عليه.

فنقول الصوم الذي لا يجوز تأخيره لا امتراء في وجوبه. لأن الواجب ما يستحق الذم بتركه على وجه ما. وهذه الحقيقة موجودة فيما قلناه من الصوم الذي لا يؤثم مؤخره. وقد جاء الشرع بجواز تأخير صوم رمضان لمريض. وإيجاب التأخير على الحائض. فالتبس فيه الأمر على من خاض في علم الأصول. فقد يستلوح من حيث أن الصوم لم يسقط أصلًا (?) أن الوجوب لم يسقط. وقد يستلوح من حيث أن الفطر جائز أن الوجوب ساقط. لأن الواجب لا يجوز تركه. وقد اضطرب أهل الأصول في ذلك. فأنكر الكرخي خطاب هؤلاء بالصوم، وأشار غيره إلى خطاب جميعهم. وقال جماعة من أهل الأصول من أصحابنا وغيرهم بخطاب المسافر والمريض دون الحائض. وقال آخرون من أصحابنا وغيرهم أيضًا بخطاب المسافر دون الحائض والمريض. وسبب الاختلاف بين أهل الأصول ما نبهتك عليه أن التأخير، لما وجب أو جاز، لم يصح مع ذلك أن يقال بأن الخطاب بالوجوب متصل بهؤلاء. لأن اتصال الخطاب بالوجوب يمنع الترك. والترك جائز لهؤلاء أو واجب. ولما رأى آخرون وجوب القضاء على جميعهم وحقيقة القضاء إنما تستعمل (?) في ترك واجب، بَعُدَ عندهم مع ذلك وصفهم بسقوط الوجوب. إذ لو سقط لم يكن الصوم الموقع بعد رمضان قضاء. ورأى آخرون افتراق حال ما يجب تركه كصوم الحائض، وما يجوز تركه كصوم المريض والمسافر. فقالوا سقوط الوجوب عن الحائض لأن وجوب الفعل مع وجوب تركه طرفا نقيض. فكيف يتصور أن يقال الصوم واجب على الحائض، ومن فعل الواجب أجر، ويقال مع هذا، الصوم محرم عليها. ومن فعل المحرم أثم. فتكون مأثومة مأجورة معًا في حالة واحدة؟ هذا عين التناقض؟ وأما المسافر والمريض فإنهما لو صاما لأجرا ولم يأثما، وناب صومها مناب الواجب، وبرئت الذمة به. فلم يُوقِعْ القول بأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015