شرح التلقين (صفحة 3190)

وأما القرض فإن هلك (?) القرض لا منفعة فيه للمقرض، بل يحرم عليه أن يُسلف لمنفعة تختصّ به، وكون الإنسان يضيع ملكه الذي في يديه فإنه لا خفاء يكون ضمانه عليه.

فإذا تقرر حكم هذين الأصلين وعلتهما، فاعلم أن العلة العقلية لا تكون مركبة باتفاق، والعلة الشرعية يصح أن تكون مركبة. وقد قلنا: إن علة سقوط الضمان في الوديعة تركبا (?) من وصفين: أحدهما: كون ملك المودع لم ينتقل وكون حوز الحائز، لها، منفعة لرب المالك يحرسه ولا منفعة له في ذلك.

وكذلك القرض انتقل الملك والمنفعة لمن انتقل الملك إليه وذلك أيضًا مركب من وصفين. فنظرنا بعد ذلك إلى الرهن فوجدنا ملك الراهن ولم ينتقل، فأشبه الرهن بهذا الوصف الواحد الوديعة. وأماْ الوصف الآخر في الوديعة فهو كون المنفعة للقابض، فإنه ها هنا مشكل، وذلك أنَّا لا نقدر أن نُصَمِّمَ على أَنْ لا منفعة للمرتهن في قبضه الرهنَ، كما نقول في الوديعة, لأنه لا شك أنه قبضه لمنفعة نفسه، وهي الاستيثاق بحقه لئلا يتلف بفَلَس من هو عليه. وكذلك أيضًا نقول: لا يمكن أن نصمّم على أن الراهق لا منفعة له في الرهن لأنه لولاه ما عومل بهذا الرهن عليه، فإذا أشكل الأمر فقصارى ما يقال فيه: إن أحد الوصيفين أشبه الوديعة شبها محقَّقًا، وهو كون الملك لم ينتقل في الرهن ولا في الوديعة، وأما الوصف الآخر ففيه بعض الاشتراك.

فيقول الشافعي: ردّ هذا الفرع إلى أصل أشبه الفرع في أحد وصفي العلة شبها كلّيًّا، وفي الوصف الآخر شبهًا مشتركًا، فلا شك أن الشبه بوصف واحد وشطْرِ الآخر أوْلى من ردّ الفرع بالشبه في شطر أحد وصفي العلة.

ويقول أبو حنيفة: إن العلة إذا ركبت من وصفين لو انفرد كل واحد منهما ما أثار الحكمَ، فإنهما إذا اجتمعًا ينبغي أن يُنظر الأقوى منهما في إثارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015