شرح التلقين (صفحة 3189)

وأمّا طريق الاعتبار فإنها إنما تجري بين مذهب الشافعي الذي نفى ضمان الراهن على الإطلاق، ومذهب أبي حنيفة الذي أثبت الضمان فيها على الإطلاق. وأما نحن فإنا إن جررنا أقيسة في إثبات الضمان نوقضنا بقولنا، فيما لا يغب عليه: إنه غير مضمون. وإن نفيْنا الضمان نوقضنا بقولنا، فيما يغاب عليه،: إنه مضمون. والأوْلى بنا أن تقصر (?) على الآثار, ونبني ما تعارض منها على أن ما ظاهره نفي الضمان محمول على ما لا يغاب عليه، وما ظاهره إثبات الضمان محمول على ما يغاب عليه، على حسب ما قدمنا بيانه في طريق البناء. وإلى هذا أشار ابن القصار, ورأى اعتمادنا على هذا في نص المذهب علي بن اء الآثار من الاستناد إلى طريق الاعتبار لما قدمناه في طريق الاعتبار يجب أن تقدم لك فيها مقدمة تعلم منها منشأ الخلاف في الرهبان والعوادي والصنّاع وغير ذلك مما يُشكِّل حكم الضمان فيه مما اختلف الناس فيه.

فاعلم أن من أوْدع وديعة فادعى المودَع الذي هي في يده ضياعَها، فإن الاتفاق حاصل على أنها غير مضمونة إذا ثبت ضياعها، والقول قوله في الضياع، على خلاف في تحليفه على صدقه في قوله، كما حصل الاتفاق على أن من تسلّف من رجل سلفصا فإنه إن ضاع في يده فقل (?) قبضه فإنه ضامن له.

فلما رأينا في المسألة (?) على سقوط الضمان، وإجماعًا في أخرى على ثبوت الضمان، وجب أن يتطلب علة في كل واحد من هذين الأصلين. ولا يمكن التعليل في نفي ضمان الوديعة إلا بكونها لم ينتقل ملك ربها عنها, ولا في قبض قابضها له منفعة، فكأن يد قابض الوديعة يد مودعها، والإنسان إذا ضاع ماله وهو في يده لم يخْفَ أن لا يتبع به أحدًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015