وقدّر أنه لما دلّس وظلم وجب أن يُجبَر على عوض الرهن، والظالم أحق أن يحمل عليه. بخلاف كونه لم يغرّ فإنه إذا لم يغرّ لم يقع منه ظلم.
ورأى سحنون أن عقوبته لا تكون بإلزامه رهنًا آخر، وإنما تكون بتعجيل الحق لما ظلم ورهن ما يعلم أنه لا ملك له فيه.
ورأى ابن المواز أن الراهن لا يجبر على الخَلَف ولو غرّ، ولكن إن تطوع بالخلَف جبر المرتهن على قبوله لحصول غرضه في كونه قد صار في يده ثقة حقّه.
ولو كان الرهن عبدًا فمات، أو دابة فنفقت، وذلك بعد قبض المرتهن، فإنه لا مقال له في الخلَف. وكذلك لا مقال له في سلعته التي باع، والاستحقاق بعد القبض أجروه مجرى الموت.
وبعض أشياخي يشير إلى إنكار هذا القياس، ويرى أن الاستحقاق أظهر، لأن الراهن كأنه لم يدفع رهنًا لما دفع ما ظهر أنه لا يمكنه، والموت لا يَرفع الملكَ فلم يدفع إلا ملكه. ولا يقاس الاستحقاق بعد القبض على الموت.
وقد ذكرنا الموضع الذي يكون للبائع فيه فسخ البيع، وارتجاع سلعته إن كانت قائمة، أو قيمتها إن فاتت أو إنما البيع بلا رهن.
والفوت ها هنا العيوب المفسدة من غير خلاف، وأما مجرد حوالة الأسواق ففيه الاختلاف: الأشهر أن ذلك فوت كالبياعات الفاسدة. وذهب ابن المواز إلى أنه ليس بفوت كالسلع المردودة بالعيب فإن حوالة الأسواق لا تمنع من الرد. وألزمه بعض الأشياخ على هذا أن يقول، فيمن باع سلعة بسلعة فاستحقت إحدى السلعتين فإن للمستحق من يده ما اشترى، له الرجوع في عين السلعة التي لم تُسحق إن كانت قائمة، وإن كانت فائتة أخَذَ قيمتَها. فينبغي على أصل ابن المواز أن تكون حوالة الأسواق فيها ليس بفوت. وسنبسط نحن الكلام على هذا في كتاب الاستحقاق.