بتفصيل ما قال، فقدّر أن الرهن إذا كان بيد أمين ووقع الإذن، فإن يد الأمين بعد الإذن كيد الراهن، وإذا كان الرهن بيد المرتهن فالحوز باق على حكم ما كان حتى يقع ضدُّ ما كان عليه من وزال الدار من يد المرتهن.
وكذلك لو اتفق المرتهن والراهن على أن يُعار هذا الرهن لرجل اتّفق على عاريته له، فهل يُبطل ذلك الرهنَ أم فيه أيضًا هذان القولان بين ابنْ القاسم وأشهب؟ فمن ذهب إلى صحة الرهن (زال الرهن وإن خرج من يد المرتهن بهذه العارية فإذا لم يرجع إلى يد الراهن والمعتبر في إبطال) (?) رجوعه إلى يد الراهن. ومن رأى إبطال الحوز بهذه العارية قدر أنها كهبة وهبها الراهن بغير عوض، وذلك يُشعر يكون ملكه رجع إليه، على حسب ما كان يتصرف فيه حيث شاء.
ورجّح ابن حارث أيضًا هذين المذهبين بصرفهما إلى حالين، فرأى أن المستعير إن كان من جهة الراهن، وهو الراغب للمرتهن في أن يمكّن المستعير من الرهن، فمكنه المرتهِن، فإن ذلك كتمكين الراهن من رهنه، وإعادته إلى يده. وإن كان المُوثِر لهذه العارية والراغب فيها هو المرتهنَ فإن ذلك لا يُبطل الحوزَ، تكون الرهن لم يرجع إلى يد الراهن، وكأن يد الراهن لم تخرج عنه، فلهذا لم يُبطل الحوزَ، وطرد هذا التفصيل حتى في الإجارة للشيء المرتهن.
ولو أن المرتهن أعار الرهن للراهن بشرط أن يرده إليه، فإن من حق المرتهن أن يطالبه برده إليه بما شرط عليه. وأما لو لم يشترط ذلك عليه، وقام الغرماء والرهن في يد الراهن، فإن الرهن قد بطل. وأما إن لم يقم الغرماء حتى ردّ الراهن الرهن إلى المرتهن فهل يكون المرتهن أوْلى به من الغرماء أم لا؟ ذهب مالك إلى أنه لا يكون أولى به، وذهب ابن القاسم إلى أنه يكون أولى به.
وكأن مالكًا رأى أن العارية لما كانت مطلقة لم يشترط ارتجاعها أبطلتْ الرهن، وإذا بطل الرهن لم يردّ إلا بعقد آخر يجعلانه رهنًا للراهن والمرتهن،