شرح التلقين (صفحة 3176)

الإذن إبطال للحوز المتقدم أوْ لا؟ فيه اختلاف:

ذهب ابن القاسم إلى أن مجرد الإذن من المرتهن للراهن في سكنى هذه الدار يبطل الرهن، وأقام الإذنَ في ذلك، وإن لم يقع ما أذن فيه من السكنى، مقام المسكنى إن وقعتْ.

وذهب أشهب أن مجرد الإذن لا يبطل الرهن.

وذهب ابن حارث إلى أن مجرد الإذن يبطل الرهن إذا كانت الدار موضوعة على يد أمين يحوزها للمرتهن، بمجردُ (?) إذنه لم يبق له تأثير في الحوز، وكأن امساك الدار بيد أمين حتى يتسلمها الراهن المأذون له في سكناها إنما بقي بحكم الراهن (?).

وأما إن كانت الدار بين المرتهن فإن مجرد الإذن لا يبطل الحوز, لأن الحوز معلوم حسًّا, ووجودًا، فكأن الحوزَ باقٍ حتى تخرج من يد المرتهن.

وهذا الاختلاف عندي إنما يتصور إذا قام الغرماء عقيب الإذن، ولم ترجع إلى يد الراهن. وكأن ابن القاسم قدّر أن مجرد الإذن كالتصريح بإسقاط حق المرتهن في الرهن، وقد قدمنا في صدر هذا الكتاب أن الرهن يلزم بمجرد القول، وكذلك إسقاط الحق فيه يلزم بمجرد القول. وهذا شبّه بأصل المذهب على ما فلناه. وكأن أشهب استصحب حكم الحوز، وأبقى حكمه حتى يرتفع بوقوع ضده. فلما كان مجرد القول في عقد الرهن لا يصيّر الرهنَ رهنًا يتميز به المرتهن عن الغرماء حتى يقع الفعل وهو القبض، وكذلك حلّه ينبغي أن يرتبط أيضًا بعوْد الرهت إلى يد الراهن بعد الإذن.

وكان ابن حارت لما ترجحت عنده الطريقتان غلّب إحْداهما عن الأخرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015