المنفعة, لأن ثمرة المالك (?) الانتفاع به، وهو المقصود في الأَمْلاك، إذ لا يَملكُ عين الدواب إلا الله سبحانه الذي يوجدها ويُعدِمها متى شاء، وإنما يملك حق الانتفاع به، فمتى رهن شاة وطلب الانتفاع بأكلها مُنع من ذلك, لأن فيه تفويتا لحقَّ المرتهن من ذلك, لأنه يؤدي إلى نقْصِ حق المرتهِن. وكذلك كل ما أدّى إلى إخراج الرهن عن سلطان (?) والتمكين منه، فإنه يمنع، كما لو رهن دابة، وأراد أن يأخذها ليسافر بها، فإنه يمنع من ذلك، تكون السفر بها يمنع المرتهِن من التمكن منها، وكذلك إن أراد الراهن أن يحول بينه وبين الدابة ليْلًا أو نهارًا، فإنه لا يمكن من ذلك أيضًا، تكون ذلك يخرجها من حكم الرهبان (?) وعند التمكن من الرهن. فلهذا لم يمكن إلا من ركوبها، واستخدام العبد نهارًا دون الليل، على ما جرت به العادة في استخدام العبيد، وكذلك الدابة إن كانت لا تركب ولا تستخدم إلا نهارًا كانت مثل العبد.
وهذا الذي حكيناه عن الشافعي هو المشهور من مذهبه، وهو يحكيه عن أصحابه من مسائل الخلاف، وأبو حامد الإسفراييني وهو من أئمة أصحابه، يشير إلى اختلاف قوله في هذا في كتابه (?)، فأكثرها يقول فيه ما حكيناه عنه، وفي موضع غير ذلك يقول: لا يمكن الراهن من الانتفاع بغير إذن المرتهِن، على حسب ما نقوله نحن. وذكر أن أصحاب الشافعي لهم طريقان في نقل مذهبه: فمنهم من يقول: مذهبه على قولين: أحدهما التمكين من استيفاء المنفعة، كما ذكرناه عنه. والثاني أنه لا يمكن من غير اختيار المرتهِن، كمذهب مالك، إذا طلب أن ينتفع بالرهن وقد رجع إليه.
ومنهم من يقول: لم يختلف قوله في تمكينه من ذلك، كما قال في عامة كتبه، إذا كان الراهن ثقة. والذي قاله في موضع آخر من الكتب المشار إليها