والفرق عندنا أن مسح شعر الرأس أصل في نفسه وليس ببدل عن غيره، فينتقل الأمر إلى البدل (?) عند زوال الشعر. والخف بدل فانتقل إلى غيره عند زواله.
والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: المعروف من المذهب أن وضوءه لا ينتقض. وروى عن مالك رواية شاذة أن وضوءه ينتقض. وبه قال الشافعي.
وسبب الاختلاف في ذلك أن الموالاة قد قدمنا الاختلاف في وجوبها. فمن أنكر وجوبها لم ينقض الطهارة ها هنا. ومن قال بوجوبها وقدر أن غسل الرجلين الذي انتقل إليه الفرض الآن، لما تأخر عما سواه من الأعضاء، حصلت التفرقة وعدمت الموالاة، أبطل الوضوء. ومن رأى أنه كالمغلوب على التفرقة أو رأى أنه إنما غسل رجليه بدلًا عن طهارتهما التي بطلت في الحال، لم يبطل الوضوء لصحة الموالاة في جميعه.
والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: تأخير غسل رجليه، فيه اضطراب. ويتخرج على الاختلاف في وجوب الموالاة.
والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: تأخير المسح على خفيه، المعروف منعه. وقد روى الأجزاء. وهذا يحتمل أن يكون بناء الأجزاء على القول بأن الموالاة غير واجبة أو على القول بأن الممسوح حكمه أخف من حكم المغسول. لأن مبناه على التخفيف.
والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: إنما لم يجز المسح على الجوربين خلافًا لأبي يوسف وصاحبه محمَّد في إجازتهما المسح على الجوربين، الغير مخروزين إذا كانا ثخينين؛ لأن الآثار إنما جاءت بالمسح على الخفين. والجوربان لا يسميان خفين. والحاجة إلى الخفين فوق الحاجة إليهما. فلا يقاس حكمهما على الخفين، فإن جلدا فقد اختلف فيهما لأنهما أشبها بالتجليد الخفين فقاسهما مرة عليهما ومرة لم يقس على الرخصة ولم يبعد ما جاءت به الآثار (?).