وقبضه؟ وهكذا اختلف عندنا في الهبات: هل يبطلها موت الواهب أو فلسه قبل أن يقبضها الموهوب له، إذا لم يفرط الموهوب له في القبض، مثل أن يهبه سلعة غائبة، أو دارًا غائبة، فخرج الموهوب له ليقبض ذلك، فمات الواهب، والموهوب له لم يصل إلى الموضع الذي به الهبة، فالحكم عندنا في الهبة والرهن إذا لم يحصل القبض في واحد منهما حكم واحد. وإن فرّط المرتهن في القبض فإن الرهن والهبة يبطلان، إذا وقع الموت أو الفلس و (بعد تفريطه) (?) في القبض الذي هو شرط في صحة إمضاء هذه العقود كالتارك لحقه، والمسقط لما ملك من ذلك. وإن لم يفرط في القبض فها هنا القولان.
وسبب اختلاف المذهب في ذلك الالتفات إلى كون القبض مشترطًا في إمضاء الهبة والرهن معلّلًا بالتهمة شرعًا أو غيرَ معلل؟ فمن رآه معللًا بالتهمة اللاحقة بالواهب والراهن وهو أن من وهب عبدًا فأبقاه في يده ولم يسلّمه للموهوب (?) لم يستخدمه وينتفع به إلى أن مات، فإنه لو مكّن من ذلك لأمكن أن يقصد كثير من الناس أن يمنع من يرثه ممن يكرهه ويبغضه من أن يرث ماله بعد موته، من غير ضرر يلحق الواهب، فيحصل على الغرضين: غرضه في حرمان ابن عمه أن يرثه، والانتفاع بماله إلى أن يموت عنه، ونفسه لا تسمح بأن يذهب ماله وتبطل منفعته ليحصلَ له الغرض الآخر، وهو حرمان الوارث له ان يرثه.
وكذلك في الرهن يمسكه (?) الراهن ماله لينتفع به، فإذا وقع الفلس والموت استأثر به الغريم الذي سمّاه له رهنًا دون سائر الغرماء لكونه معينًا لَه دون غيره من الغرماء. فإذا قلنا: إن القبض إنما اشترط لنفْي هذه التهمة فإذا لم يفرط الموهوب له في القبض، وإنما عاجل الواهبَ الموتُ، قبل إمكان