حتى يكون المرتهن أحق به عند الفلَس، فإن تراخى في قبضه تراخِيًا شعر بإسقاط حقه فيه، صار هو المسقطَ لحقَّه. وهذا عندنا فائدة قوله تعالى "فرهان مقبوضة" المراد به الثخصيص (?) على الفبادرة بالقبض، ليكون المرتهن أحق في الفلس والموت، بخلاف البيع فإن المشتري أحق بما اشتراه في فلس البائع أو موته.
ونقول نحن فإن العقد إذا كان غير لازم لم يجعله القبض لازمًا، كالقراض فإن رب المال، ولو سلم المال إلى العامل، ثم أراد أن ينتزعه منه في الحال، لكان له ذلك، تكون عقد القراض غير لازم لم يجعله القبض لازمًا. أصله ما ذكرناه في القراض والجعالة والشركة والمعاملات، عكسه البيع لما أن كان لازمًا بمجرد العقد لم يجعله عدم القبض غير لازم.
والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:
قد قدمنا التنازع في تأويل قوله تعالى "فرهان مقبوضة" هل المراد به أنها لا تكون رهنًا لازمًا إلا بالقبض، أو تكون رهنًا لازمًا قبل القبض، وإنما القبض شرط في كمال التوثقة بالرهن. فقد حصل من هذا أن أبا حنيفة والشافعي يريان القبض شرطًا في صحة كونه رهنًا ولزومه، ومالك يراه شرطًا في كون المرتهن القابض له أحق به إذا فلِّس الراهن أو مات، فيباع له الرهن، ولا يحاضه في ذلك غرماء الميت أو المفلّس. وإذا أمكن المرتهنَ القبضُ ففرّط فيه حتى فلّس الراهن أو مات أسقط حقه في تعلق دينه بثمن الرهن، وهذا (?) يختلف فيه.
وإن وقع موته قبل أن يمضي من الزمن ما يتمكن المرتهن من القبض حتى فلّس الراهن أو مات، ففي ذلك قولان: هل يسقط حق المرتهن وإن لم يفرّط في القبض؟ أولًا يسقط لكونه لم يتراخ في طلب الرهن ولا فرّط في تحصيله