تعالى. والشافعي، وإن كان يرى أن الرهن لا يلزم بالقول، فإنه إذا اشتُرط في أصل عقد بيع ولم يتطوع المشتري بدفع الرهن، فإن البائع يكون له الخيار بين أن يُمضي البيعَ بلا رهن، أو يفسخ لعدم الشرط وهو الرهن.
وسبب هذا الاختلاف في الرهن هل يلزم بالقول أم لا؟ التنازع في مقتضى قوله تعالى {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (?) هل المراد بقوله تعالى {مَّقبُوضَةٌ} أي يقبضونها بعد عقد الرهن.، أولًا يكون لها حقيقة الرهن إلا بعد أن تصير مقبوضة؟
فيحملها مالك رضي الله عنه على أن المراد بها: تُقبض بعد عقد الرهن.
ويحملها أبو حنيفة والشافعي على أن المراد به أن الرهن هو المقبوض.
وكل واحد من المذهبين يتخرج بطريقة يسلكها من جهة البيان، ومن جهة الاعتبار.
أما مالك فإنه يرى أنه لما تقدم قولَه تعالى "مَّقبُوضَةٌ" قَوْلُه "فرهان" فأثبت تسمية الرهن قبل ذكر القبض، ثم نعته بالقبض، اقتضى ذلك أن يكون رهْنًا قبل القبض، ولو كان لا يكون الرهن رهنًا حتى يُقبض لاستغنُيَ عن قوله {مَّقبُوضَةٌ}.
ويرى المخالف أن قوله تعالى "مقبوضة" وصف لازم كقوله: ساحة واسعة، فإن الاتساع وصف لازم، فوجب بلزومه أن يكون كالشرط فيها. وهذا يقتضي أن الرهن لا يكون إلا مقبوضًا، ألا ترى أن قوله تعالى في كفارة القتل {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (?) يقتضي أن العتق في هذه الكفارة لا يجزى إلا بشرط الإيمان في الرقبة. فكذلك لا يصح الرهن ويلزم إلا بأن يصير مقبوضًا.
وكذلك قوله تعالى {وَأَشهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مّنِكُمْ} (?) المراد به من هو عدل