أصل العقد الرهن (?)، فقال الراهن: رهنتك داري على أن تكون يومًا بيدك رهنًا، ويومًا ترجع إلىّ ولا تكون لك رهنًا. لم يصحّ، فكذلك رهن المشاع إذا اقتضى الحكم فيه المنع في عقد الرهن.
ويحترز أصحابه في تحديد هذا الاعتبار بقوله: إنّ معْنىً قارن الرهن العقد فأفسده قياسًا على ان من رهن داره على أنها تكون يومًا رهنًا، ويومًا بعده (لم يكن) (?) رهنًا في مسألة ناقضهم بها أصحابنا، وهي من أرهن جميع داره في دنانير، ثم سأل الراهنُ من بيده الرهن أن يمكّنه منَ بيع نصفها لينتفع بثمنه، ويبقى بيده النصف الآخر رهنًا بجميع حقه، فيجوز ذلك، ولا يَمنَع من صحة الرهن، مع كون المشترى لهذا النصف من حقه أن يدعُوَ من بيده النصف الذي هو رهن إلى هذه القسمة، فيقول له: تكون عندك الدار كلها يومًا، وعندي يومًا آخر. فقد صارت العلة المانعة عنده لرهن المشاع تتصور في هذه المسألة التي ذكرناها، فكأنه نقض العلة وخصصها. لكنه يقول: فإن هذا أمر طرأ على الرهن بعد انعقاد على الصفة التامة الكاملة، فلهذا لم يفسد هذا الرهن. وقد تكون حالة الابتداء تقتضي حكمًا بخلاف حالة ما بعدها فلهذا احترز القوم في الاعتبار الذي حَررَّوه بقولهم: معنًى قارن العقد فأفسده، على أن القوم يقولون بتخصيص العلة الشرعية، على ماذكرناه في أصول الفقه. فإذا قام لهم دليل على الجواز في هذه المسألة مع وجود العلة فيها لم يبطل عندهم أصل القياس. فإذا كان المقصود من الرهن ملك اليد لا ملك الرقاب، لم تؤثر المشاعة (?) في صحة البيع تكون اليد لا يُبْطِل ارتفاعُها عن الرقاب المملوكة حقيقةَ الملك، فكذلك في هبة المشاع, لأن القصد بها تملّك الرقاب، فلم يبطلها الإشاعة، بخلاف رهن المشاع فإنه المقصود منه قبض الرهن، وكونه في حكم يده، لا ملك الرقبة. فكل ما أثّر في هذا المقصود وهو رفع اليد مَنَع من صحة الرهن.