أن يرهن نصف دار أو نصف عبد، فإن الرهن عنده لا يصح إلا أن ترهن الدار كلها أو العبد كله، فيكون هذا الرهن مفردًا محوزًا متميزًا ما رُهن عمّا لم يرهن.
وذكر الشيخ أبو الطيب عبد المنعم، وهو أحد أشياخ شيوخي، تخريجَ مذهب أبي حنيفة من قول من قال من أصحابنا: إن هبة المشاع لا تصح، لكون القبض فيه لا يتأتى، فكذلك يَلزم على هذا. أن يمنع من رهن المشاع.
وهذا النقل الذي نقله أو التخريج الذي خرجه، لم أسمعه من أحد من أشياخي، وإنما ذكر في بعض ما صنعه.
واستدل أصحابنا على رهن المشاع بقوله تعالى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (?) ولم يفرق بين كون الرهن مفردًا متميزًا، ولا بين كونه مشاعًا.
والمعتمد عليه من طريق النظر أن الغرض من الرهن استيفاء الحق من العين المرهونة. وقد اتفق على جواز بيع المشاع، فيقتضي هذا الاتفاقُ على جواز بيعه أن يُتّفق على جواز رهنه, لأنه لو كان القبض فيه لا يتأتى لوجب أن يكون البيع فيه لا يجوز. فإذا أشعر الاتفاف على جواز بيعه يكون قبضه ممكنًا، اقتضى ذلك امكانَ القبض في كونه رهنًا. ولا وجه للمنع منه مع هذا الذي عللنا به الأصل المتفق عليه، وهو جواز البيع فيه.
ويعتمد أبو حنيفة على أن الغرض. في الرهن ملك اليد لا ملك الرقبة، والعوض في المبيع ملك العين لا ملك اليد. وإذا كان الأمر هكذا فلا يتأتى ملك اليد في رهن المشاع لأن النصيب الذي لم يُرهن من حق مالكه أن يقول للمرتهن: اقْسِم معي منافع هذه الدار قسمة مهاياة، فتكون في يدك يومًا وفي يدي يومًا، وكذلك العبد يكون في يديك يومًا وفي يدي يومًا. والحكم عنده الجبر على هذه القسمة، فصار ذلك كالمشترط في عقد الرهن كون هذا النصيب من العبد في يد المرتهن يومًا وفي يد المشتري يومًا. ولو صرح بهذا الشرط في