المكتري على هدم الدار، ولا أمره بذلك، ولا أمكنه منه، وإنما وجبت على المكتري الهادم قيمة الهدم في ذمته، فاعتقد المكتري أنه يستحق ذلك في ذمة الهادم بوجه ما يعتمد أنه يملكة، فإذا كشف الغيب أن غيره هو مالكه لم تلزمه غراهة ما وهب، ولا يلزمه طلبه. بخلاف الأخ إذا أكرى فحابى فإنه سلط المكتري الساكن على إتلاف المنافع، ومكنه منها بغير عوض، فصار كالمسِلّط على الإتلاف، وقد قدمنا أن المسِلّط على الإتلاف كالمباشر له.
واعلم أن المتأخرين كثر اضطرابهم في ضيط المذهب في هذا فمنهم من يرى أن الخلاف إنما يتصور في هية الغاصب لرجل قَبِل الهبة، ولم يعلم أن واهبها غاصب. فقيل بغراهة الموهوب له الذي انتفع بالهبة، وقيل: بل المستحق السلعة المغصوبة فيمن (?) يبدَّأ بغرامته.
وإن استغرم الموهوب له المنتفع، ففيه اختلاف أيضًا: هل يرجع بما كرم على الواهب بأنه غرّه أم لا؟ وهذا تقدم مبسوطًا.
وأما الواهب إذا وهب ما يعتقد أنه له، فإنه لا يطلب بغرامة، موسرا كان أو معسرا.
وهؤلاء الاشياخ يشيرون إلى ارتفاع الاختلاف في هذا ولا يفرقون بين الواهب مشتريا أو وارثا. ومنهم من يرى أن المذهب على قولين في الرجوع على الواهب إذا وهب ما يعتقد أنه ملكه، ولا يفرقون بين كون الواهب مشتريا أو وارثا. وهذه طريقة الحذاق من الأشياخ بناء منهم على ما عُرف من أصول
المذهب أن المنتفع بوجه شبهة يغرم. وإذا لم ينتفع وإنما سلط غيره على الانتفاع، أو أخطأ فأتلف ما في يديه بغير انتفاع منه، فإن المذهب على قولين، فيمن اشترى عبدا فقتله عمدًا، فإنه يضمنه, لكونه فعل مالًا يحلّ له، وإن قتله