شرح التلقين (صفحة 3053)

اشتراه بعد قلعهِ ببيْعته واعاده إلى أرضه، أو يقال: لما كان من حق الغاصب أن يأخذه ليبيعه، أو لترعاه دوابه، صار ما أخذه فيه من المستحق ليبقى في الأرض كابتداء بيع زرع مَلَكَ أخْذَه قبل أن يبدو صلاحه، وعقد فيه بيعا على أنه يبقى لمشتريه، وهو المستحق إلى أن يبدو صلاحه.

وقد تقدم ما يعرف منه سبب هذا الخلاف لما ذكرنا في الموازية من تصور كون الكراء كالشراء في المسألة التي فرغنا منها الآن.

وأما إن أتى مستحق الأرض بعد ذهاب إبان الزراعة، ففيه روايتان: المشهور منهما أنْ ليس له أن يأمر الغاصب بقلع زرعه لأن في ذلك إبطالا لمال الغاصب، واتلافَه عليه من غير منفعة لمتلفه. وهو المستحق، إذ لا يمكنه ان يزرع هذه الأرض بعد مضي الإبان، والرواية الأخرى إن لمستحق الأرض أن يأمر الغاصب بقلع هذا الزرع، وإن كان بعد ذهاب الإبان، لقوله عليه السلام "ليس لعرق ظالم حق" (?) وهذا الغاصب ظالم، فلا يجب أن يكون لعرقه حق، والتبقية حق، وقد نفى عليه السلام أن يكون له حق.

وأما إن أتى هذا المستحق وقد حصد الغاصب الزرع وجمعه، فالمعروف من المذهب عند مالك وأصحابه أن الزرع للغاصب، وعليه كراء الأرض، وهو عوض المنافع التي قد أفاتها الغاصب، وصارت معدومة، ومن غصب شيئًا فأتلف عينه فإنما عليه قيمته. وروى الداودي في كتاب الأموال عن مالك رواية شاذة: إن الزرع لصاحب الأرض، وعليه للغاصب ما أنفق في ذلك. ومال إلى هذا المذهب، واحتج فمِه بحديث مروي، والحديث الذي احتج به خرّجه الترمذي فقال الترمذي في كتابه: قال النبي عليه السلام "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فالزرع لرب الأرض وعليه ما أنفقه" (?) واححج الداودي لصحة هذه الرواية الشاذة عن مالك بأن من غصب أمة فولدت، فإن ولدها يكون لصاحب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015