شرح التلقين (صفحة 3022)

الدفع الغريم أيضًا، وقد حصلت المناجزة بينه وبين من له الدين فلا يتصور في ذلك صرف مستأخر، بل صرف منه ما في الذمة بدراهم دفعها إليه في الحال، وذلك غيرِ ممنوع. لكن مقتضى هذه المصارفة إثبات خيار لمن عليه الدين فيما يدفع للحميل عن هذه المصارفة. وقد صورنا في هذا التخيير الوقوع في الصرف المستأخر، فهو صرف ناجز فيه أوَّلًا، وتضمنت هذه المناجزة تأخيرًا من جهة أخرى، فهل يقضى في هذا الحكم المناجزة (?)، وهو السابق لثبوت التخيير، أو يلتفت في هذا إلى ما تصور بعدها مما يوقع في تأخير المصارفة وكأن ما يلزم عن الأول يقدّر في الأول ويتصور فيه. بالتحميل (?) تصور فيها بين الحميل ومن له الدين , والتحريم يتصور فيها بين الحميل والغريم كما بينا.

وقد قال ابن المواز في حميل جُبِر على قضاء الدين لعُدْم الغريم، فدفع عن دنانير دراهم، فإن ذلك جائز، ولكن تؤخذ الدنانير من الغريم فتصرف بدراهم، وتدفع الدراهم إلى الحميل قضاءً عما دفع الحميل وأسلف. فإن تقايلا بذلك (?). وإن قصرت الدراهم التي صرفت عما دفع الحميل لم يطلب من عليه الدين بنقصها، وكان مُصيبة ذلك من الحميل الذي دفع خلاف ما تحمل به. وإن كان فيه فضل رُدَّ إلى الغريم، لكون ذلك فضل بعد أن قضى الحميل جميع ما دفع.

قال ابن المواز: وقد رجع ابن القاسم عن هذا، وقال: هذا حرام بين الغريم والحميل.

فأنت ترى كيف أشار إلى ما قلناه من أن التحريم إنما ينشأ في المسألة فيما بين الغريم والحميل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015