شرح التلقين (صفحة 2866)

وهو ربع دينار يسمى "مال". ورد هؤلاء مذهب الأبهري من أصحابنا وأبي حنيفة والشافعي في قولهم فيمن قال: لزيد عندي مال، وفسّر ذلك بقيراط أو حبّة: أن ذلك يقبل منه. بأن قالوا: معلوم في العادة أنه لا يطلق غنيّ ولا فقير على القيراط أو الحبة اسم "مال" على حال من الأحوال، فلا يصح أن يقبل من المقر تفسيره بذلك، لأنه (?) بأنه أراد حبَّة أو قيراطًا. وأما إن فسره بربع دينار فإن هذا التفسير قد يليق بعرف الفقراء من الناس، وإن بعد ذلك في عرف الأغنياء. فإذا كان صنف من الناس يطلقون قول "مال لأ على الربع من دينار لم يقض على المقر بأكثر منه، بخلاف القيراط والحبة فإن هذا لا يطلقه أحد من فقير أو غني على هذا المقدار تسمية "مال". فلو قيد هذا الإطلاق بأن قال: له عندي مال عظيم، فقد اختلف فيه أيضًا: فاختار الشيخ أبو بكر الأبهري من أصحابنا أن هذا التقييد والوصف لا يؤثر، وأنه يقبل من المقر بهذا ما فسره به، ولا يقضى عليه بأكثر مما فسره وهو مذهب الشافعي.

وذكر ابن سحنون عن أبيه وأهل العراق أنه لا يقبل منه تصير ذلك بأقل من ظ ب الزكاة. وهذا اختيار ابن القصار.

وكأن الشافعي والأبهري رأيا أن "العظم" لا حدّ له، ويتفاوت تفاوتًا كثيرًا، كما أن المال لا حدّ له، ويتفاوت تفاوتًا كثيرًا، وما تفاوت هكذا من وصف أو موصوف لم تفد الصفة فيه زيادة على ما أفاده الإطلاق من غير تقييد، فيرجع في ذلك لاحتماله، أطلق أو قيد ووصف، إلى تصير المقر له (?) لا سيما ولا يشك أحد في أن هذا الوصف بالعظم لا يصح التحديد فيه لا بإسناده إلى لغة أو شرع أو عرف أو استعمال.

وكأن من ذهب إلى التحديد بنصيب الزكاة يرى أن هذا الوصف لا بد أن يفيد فائدة، وإلا يكون الكلام لغوًا لا فائدة تحته، ومعلوم أن المال يكون عظيمًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015