شرح التلقين (صفحة 2865)

وسبب هذا الاختلاف أن الضابط لطرق النظر في هذه المسألة (درهمًا إلا) (?) مقتضى اللغة ومقتضى الشرع أو عرف الاستعمال.

فمن ذهب إلى مذهب أبي حنيفة والشافعي واختيار أبي بكر الأبهري، من أصحابنا، عرض هذه المسألة على هذه الثلاثة أنواع، فلم يجد في اللغة لهذا الاسم الذي هو "مال" تحديدَ المقدار، ولا وجد ذلك في الشرع، ولا وجده في عرف الاستعمال، فأبقاه على حكم الإجمال، وقضى بما يفسره المقر من هذا الذي أجمله.

ومن حدّ ذلك بما ذكرناه عنه (وما حدوا واحدًا) (?) وهو اتباع إشارة الشرع لكن لما وجد في الشرع تحديدين أحدهمأوهو الأقل وهو قطع يد السارق في ربع دينار ومنع النكاح بأقل من المال من ربع دينار استشعروا من هذا أن هذا المقدار له حرمة فلهذا استبيحت به هذه الحرم من فروج أو قطع أيد. فوجب أن تحمل ألفاظ المقرين بمال على هذا المقدار الذي حده الشرع. وقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: "لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقطع في التافه وإنما يقطع في ربع دينار" (?) فأشارت إلى أن ما قل عن ربع دينار في حكم التافه المحتقر، وما كان محتقرًا تافهًا لم تحمل هذه التسمية عليه. وقد قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (?) فأطلق المال على نصاب الزكاة فاقتضى هذا حمل إطلاق "مال" على هذا المقدار.

ويقول الآخرون: وقد قال تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (?) وهذا يقتضي أن ما يستباح به فرج المرأة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015