شرح التلقين (صفحة 2845)

الكلام مما وصل به من قوله: إن شاء الله. فهذا تعليل القول بأن هذا الإقرار لازم، ولا يسقطه تقييده بقول المقر، إن شاء الله. وقد ذكره سحنون بنفسه.

وأما مذهب ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم فإنما صارَا إليه، لأنه قول المقر: إن شاء الله، تشعر بالشك. وهكذا أيضًا أشارا إلى هذا التعليل فقالا أو أحدهما: لا يلزم ذلك، لأن المقر أدخل بهذا شكا.

وبالجملة فإن محصول هذا يتعلق بشك المقر في إقراره: هل يقضى عليه أم لا؟ وقد قدمنا نحن، فيما سلف، أن المقَرّ له إذا أيقن بما شك فيه المقر قضي له على المقر لكونه موقنًا وكون المقر شاكًا. واختلف: هل يقضى له بيمين أو بغير يمين؟

فلو كانا جميعًا شاكين لسقط الإقرار في أحد القولين. وقد صرح سحنون بأن الشك في الإقرار لا يبطله، كما حكينا أعنه في هذه المسألة. وصرح من خالفه من أصحابنا بأن علة سقوط هذا الإقرار كونه مشعرًا بالشك. لكنه يمكن أن يعلل أيضًا طريقة سحنون يكون تعقيب الإقرار بما يسقطه كله يعد ندمًا، ولا يلتفت إليه، كما قدمنا هذا عنه في مسائل ذكرناها.

لكن يقتضي هذا التعليل أنه لو ابتدأ القول بلفظ الشك لكان بخلاف كونه يؤخر القول حتى يصله بعد حصول الإقرار. لكن مطلق قوله الذي حكينا عنه أن الشك لا يبطل الإقرار يقتضي خلاف هذا التعليل.

وقد حكى ابن حبيب عن عبد الملك بن الماجشون أن المقر لا يلزمه إقراره، وإن افتتحه بلفظ الشك، فقال عنه، فيمن قال لرجل: أظن أن لك عندي كذا وكذا،: فإن هذا الإقرار لا يلزمه، ويحلف المقر على أنه لا يحقق ذلك.

فهذا تصريح بسقوط الإقرار ولو صدّر به الكلام حتى يمتنع صرف الشك إلى كونه ندمًا. فأنت ترى سحنونًاكيف علل في رده أهل العراق هذا بعلتين:

إحداهما: أنه كالاستثناء الرافع للكل فلا يقبل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015