العراق، وأن أباه سحنون أنكر هذا المذهب، وأشار إلى حجة أهل العراق على سقوط هذا الإقرار أن الشاهد لو شهد فقال: لفلان على فلان مائة دينار، إن شاء الله. فإن هذه الشهادة ساقطة.
ورد عليهم سحنون بأن قال: لو قال: له عندي ألف درهم إلا ألف درهم، أو قال: له عندي ألف درهم بل لا شيء له عندي، فإنهم قد جامعونا على أن هذا الاستثناء أو الاستدراك لا يؤثّر ولا يسقط الإقرار، وإن أسقطوا ذلك؛ لأنه يشعر بالشك، والشك في الإقرار لا يبطله. وقد قالوا: لو قالوا (?):
لزيد عندي مائة دينار، وعقب ذلك بقوله: شككت في ذلك، وكان قوله متصلًا، فإن ذلك لا يسقط الإقرار. فأشار سحنون إلى أن الإقرار إنما يصح إن ورد عقيبه ما يسقط بعضه كاستثناء قليل من كثير. وأما إذا أورد بعده ما يسقطه كله، فلا يؤثر ما أورد من ذلك، والإقرار لازم. وقد هجس في نفس ابن سحنون هذا المعنى، فقال لأبيه سحنون: هلاّ كان قوله: إن شاء الله، يؤثر في الإقرار ويُسقطه كما أثّر قول الحالف: والله إن فعلت كذا، إن شاء الله، أن اليمين ينحل. فقوله: إن شاء الله، يحل جميعَ اليمين، فكذا يجب في الإقرار.
فقال له سحنون: لم تأت بنظير، وقد أجمعَ العلماء على الفرق بين الإقرار واليمين، ألا ترى أن القائل: عبدي حز، وسكت، أن العتق يلزمه. ولو قال:
والله، وسكت فإنه لا يلزمه في هذا القول شيء. فأشار إلى قوله لعبده، أنت حر، إن شأء الله، لا يؤثر لكون قوله: أنت حر، كلام مستقل بنفسه فلا يؤثر فيه الاستثناء بمشيئة الله تعالى، ولا يرفع الاستثناء حكم لفظ قد استقلّ. ولو قال: والله لا فعلت هذا، إن شاء الله. لأثر هذا الاستثناء لكون قوله: إن شاء الله، إنما يرجع إلى رفع القسم الذي هو قوله: والله، ولا يرجع إلى الفعل المحلوف عليه. وإنما أثر ذلك في اليمين لرجوع هذا الاستثناء إلى لفظة لا تفيد إذا تجردت مما يضاف إليها. وقوله: له عندي ألف دوهم، يفيد، وإن تجرد هذا