شرح التلقين (صفحة 2668)

للغرماء. وهذا أيضًا ظن من أبي حامد أنه رأى ما ذكر، ولا يثبت بالظن خبر، مع أنه أيضًا لم يذكر أن هذا الظن بأنه رأى هذه الزيادة منسوبة إلى ثقة سماه، وهذا مما لا يقدح به فيما قدمناه من وجوب حمل الرواة عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام أنه قال كذا وكذا على أنه قول النبيِّ عليه الصلاة والسلام بأسره لا على أن بعضه من كلامهم، وبعضه من كلام النبيِّ عليه الصلاة والسلام.

فإذا تحقق لديك ما عرضناه عليك من هذه الأحاديث والقوادح فيها، والانفصال عن القوادح، فالإنصاف يقتضي أن قول أبي حنيفة: أن من له الدين أسوة مع الغرماء في الفلس والموت هو القياس، ولولا الأحاديث التي رويناها لم تحسن مخالفته، لكن الرجل يذكر عنه أنه كان يقدم الأقيسة على خبر الواحد، فيمكن أن يكون صار إلى ما ذهب إليه من جهة القياس ألا يختص هذا الغريم بسلعته لأجل أن ملكه قد زال عنها زوالًا محققًا متيقنًا، فصارت سلعة هذا الغريم كغيرها من السلع المأخوذة عند المفلس وفي تركة الميت. فكما لا يختص بغيرها من سلع المفلس أو الميت بل ذلك يتساوى فيه الغرماء، فكذلك في سلعته لكونها ساوت سائر أملاكه. وأيضًا فإن من باع سلعة بثمن في ذمة المشتري تعلق له حقان في الثمن: حق في كونه في ذمة المشتري، وحق في حبس السلعة حتى يأخذ ثمنها. فإذا أسقط أحد الحقين وهو حبس السلعة حتى يأخذ ثمنها وسلمها لمشتريها فليس له أن يرجع في هذا الحق، ويسترد السلعة إلى ملكه، ويفسخ العقد فيها حتى يعطى ثمنها. ألا ترى أن من باع سلعة وأخذ بالثمن رهنا، ثم سلم الرهن لراهنه، فإنه يبطل حقه فيه ولا يمكن من ارتجاعه عند فلس أو موت ويساوي الغرماء في ثمن هذا الرهن. فكذلك السلعة المبيعة إذا كان من حق البائع أن يحبسها بالثمن فسلّم حقه في ذلك وأسقطه، لم يمكّن من الرجوع في هذا الحقال في أسقط، وبقي الحق الآخر، وهو كون الثمن في الذمة، وهذا الحق استوفى (?) فيه هو وسائر الغرماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015