كما أن الشافعي أجاب أيضًا عن قياس الفلس على الموت بأن الذمة في الموت خربت خرابًا لا يرجى بعده أن تُعمّر، وفي التفليس، وإن خربت، فإنها ترجى بعد ذلك عمارتها بإفادة المفلَّس مالًا من ميراث أوْ حلة (?) أو سعي بسعاية ومعاملات يحدثها.
واعتمد من ذهب إلى أنه لا تحل الديون المؤجلة بالفلس على أن التأجيل في ثمن المبيعات له حصة من الثمن. ومعلوم قطعًا أن ما يشترى على أن يوزن (?) ثمنه إلى أجل يكون الثمن فيه أوفر من الثمن لو بيع على النقد فإذا قلنا بحلول الديون المؤجلة أفضى ذلك إلى إلزام المشتري ثمنًا لم يأخذ العوض عنه وهو التأجيل. وهذا أقوى ما يعتمد عليه المخالف.
وأجيب عن هذا بأنه إنما يدفع الضرر إذا لم يقابله ضرر آخر، ولهذا قلنا إن البائع أحق بسلعته إذا وقع التفليس، وما ذلك إلا لنفي الضرر عنه. وهاهنا إذا رفعنا الضرر عن المشتري بكونه لا يحل الدين المؤجل لَحِق البائعَ ضرر في كون مال المفلس يقسمه من سواه من الغرماء، وإذا حل الأجل لم يجد مرجعًا، والضرر لا يدفع بالضرر من جانب، وكون البائع أحق بسلعته في التفليس لدفع الضرر. وقد يتصور فيه ضرر بالغرماء، وسنتكلم على وجه كونه أحق بسلعته في التفليس بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وقد تقدم الكلام على أن الديون إذا كانت كلها مؤجلة لم يجب التفليس، لكون الطالبين لم يستحقوا المطالبة، وإن كان بعضها حالّة وبعضها مؤجلة، والذي في يد الغريم لا يفي بالحقوق الحالة فإنه يفلس في حق من حل دينه ومن لم يحل.
وتحل الديون المؤجلة وإن بقي في دينه (?) بعد قضاء الديون الحالة ما