شرح التلقين (صفحة 2658)

وفي تأخير دفعه للغرماء إضرار بالجميع: بالميت والغرماء والورثة. فوجب لأجل هذا أن تحل الديون.

وإن قلنا: إن الورثة يمكنون من قسمته، فإن هذا أيضًا إضرار يختص بالغرماء، لكونهم قد لا يجدون ما يرجعون فيه بدينهم إذا تصرف الورثة في مال غيرهم وأكلوه، وهذه إضرار بين لغرماء (?). فلم يبق إلا تمكين الغرماء من أخذ حقوقهم منه، ويقسم الورثة ما فضل عن الدين، فتعمّ هذه المنفعة الغرماء والورثة، وذلك أولى مما يضُرُّ بالغرماء والورثة.

فالجواب عن السؤال الثاني أن يقال:

أمَّا المفلس إذا حكم بتفليسه والحجر عليه في ماله، فإن ديونه المؤجلة تحل عند مالك وأصحابه رضي الله عنهم.

واختلف قول الشافعي في ذلك، فقال مرة: تحل. وقال مرة أخرى: زعم بعض المفتيين إنها تحل، وأشار إلى مالك، ورأى هو أنها لا تحل.

والصحيح عند أصحابه أنها لا تحل. ولنا في أحد قوليه إن الموت يقتضي حلول الديون الآجلة لخرابة ذمة المديان، وكذلك يجب أن يكون التفليس لخراب ذمة المديان أيضًا، وحدوث حالة غير (?) الذمة، وتعلق فيها حق في المال. وأيضًا فإن المعاملة تقع على الذمة وتقع على أعيان المال، فإذا كان ذهاب الذمة بالكلية التي تقع المعاملة عليها توجب حلول الديون المؤجلة، فكذلك إذا ذهب الأعيان، وبقي الغريم فقيرًا، وحكم بتفليسه والحجر عليه، ويجاب عن هذا بأن المال لو ذهب من يده قبل أن يُحجر عليه لما وجب حال (?) الديون المؤجلة فكذلك إذا ذهب ووقع الحجر عليه، إذ لا تأثير للحجر ها هنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015