لهم الامتناع من المحاصة بالصداق (في المحاصة في الصداق) (?) في فلس الزوج بلا خلاف فيه منصوصًا عندنا.
وأمَّا المحاصة في موت الزوج، فالمعروف من المذهب إثبات المحاصة به كاللباس والإنفاق على المحاصة به في المفلس، يشعر بأنه لا يجري مجرى الهبات، بل يجري مجرى المعاوضات. ولا فرق بين الفلس والموت في وجوب المحاصة. وذكر ابن الجلاب في تفريعه قولة: شاذة أنه لا يحاصر في الموت. وإنما يحاص في الفلس، وكأنه رأى أن الحصاص به في الفلس لا يلحق الغرماء الذين بايعوه بالسلع من الضرر بمحاصة الزوج يلحقهم إذا حاصهم في الموت؛ لأن المفلس تبقي ذمته ويرجى سعيه فيما بعد، حتى يكتسب ما يوفي به هؤلاء الغرماء بقية حقهم، وفي الموت لا يرجى ذلك منه (بل يسوى من كمال ديونهم التي عليه) (?). فلهذا فرق بين الموت والفلس تغليبًا لأحد الضررين، فغلب ضرر الغرماء في الموت، وغلب ضرر الزوجة في الفلس.
وقد قيل في قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (?) معناه عطية.
وقيل: بل معناه شرعة وديانة.
وأمَّا نفقة الزوجة فيما يستقبل بعد التفليس، فلا مطالبة لها بذلك. فينظر: هل تحاص به أم لا؟ لأنا قدمنا أنه يبقى له من ماله ما ينفق على زوجته ونفسه وأولاده الصغار المدة القريبة التي ذكرناها فيما تقدم.
وأمَّا إذا غاب زوجها، ولم ترفع الأمر إلى القاضي شاكية له عدم الإنفاق، لأنها لا تصدق في كونه لم يترك لها نفقة، وإذا لم تصدق في ذلك لم تستحق المطالبة، استحال الحصاص.